| |||||||||
قصة حمص الابية كان يوم اب الطويل قد تلاشى الى ليل كأنه سرمدي . و بدأ الليل يجّن حول المدينة المنكوبة . انها حمص , تلك المدينة التي يخترقها نهر العاصي من طرفها الجنوبي الغربي متجها نحو الشمال . بدأ الليل يغلف المدينة بظلام حالك ,لكن القمر لا يزال يرسل اشعته من خلال الغيوم البيضاء , وهو يلقي ضوء شاحبا على شوارع المدينة و ازقتها كلما اقترب الفجر .انها مدينة الاشباح , اصبحت خالية من سكانها الذين نزحوا و هجروها كرها و حول ساحات المدينة المحاصرة , ترعد المدفعية الثقيلة لتدك احياءها و مبانيها مخلفة الدمار ورائحة الموت .هنا و هناك تزمجر البنادق الالية والرشاشات الثقيلة لتحطم صمت الليل البهيم ,كالكلاب المسعورة في المزارع البعيدة . وقف قناص ,فوق سطح مبني "ستي سنتر" ,يترصد طريدته المرتقبة . بدأ يراقب شارع طريق حماه الذي يفصل بينه وبين السوق القديم شرقا كان هذا السوق يعج بالناس و الحركة ويسمى سوق الدجاج . لمع وميض في احدى العمارات المجاورة . فرح القناص وبدأ يحدق في الظلام , رفع رأسة قليلا من متراسه و راح يحملق باتجاه الوميض , لقد شاهده انه في الطرف المقابل من الشارع .زحف ببطئ شديد الى عمود فوق السطح و تمترس خلفه ثم راح يراقب المشهد .بدأ يعض شفته السفلى ويترقب ما ان ظهر الوميض مرة اخرى حتى اخذ نفسا عميقا و صوب بندقيته باتجاه الهدف واطلق النار .سمع صوت جلبة وشيئ ما سقط على الارض بقوة فوق الرصيف .استلقت الجثة هامدة فوق الرصيف . صرخ القناص صرخة الفرح : لقد قتلته .تلاشت شهوة الحرب وتملك القناص احساس عجيب , اراد ان يلقي نظرة على ضحيته , لعله يعرفه او يكون من اصحابه . قرر ان يترك متراسة فوق السطح وينزل بحذر شديد .عندما وصل القناص الى الشارع الرئيسي كان هناك اطلاق نار كثيف وغزير .ارتمى على الارض و راح يزحف و يزحف حتى قطع الشارع واصبح قريبا من جثة الرجل الذي كان قد قتله .تنفس الصعداء و ارتاح قليلا ثم مدّ يده ببطئ شديد,قلب الجثة وحدق بوجها .صاح بصوت عال :" اللعنة انه اخي ."لقد غاب منذ اشهر . " سدد رجل بندقيته من اعلى البناء و اطلق النار . استلقت الجثتان على الرصيف .
|
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|