| ||||||||||||
حج الحبيب المصطفي الحمد الله حمداً كثيراً طيباً طاهراً مباركاً فيه ، كم يحب ربنا تعالى ويرضى ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له جل في جلاله وعلا ، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله المصطفى والمجتبى صلى الله عليه ، وعلى آله وصحبه أولي الرضا وعلى جميع من سار على نهجه فاستقام واهتدى ، أما بعد : الحج إلى بيت الله الحرام ركن من أركان الإسلام وهو شعيرة من شعائره الجليلة العظام فضله الله وشرفه وأجزل المثوبة فيه حتى صح عن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- أنه قال : (( من حج هذا البيت فلم يرفث ولم يفسق رجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه )) ، فبين-صلوات الله وسلامه عليه- أن العبد إذا حج بيت الله الحرام فأدى لهذه العبادة حقها وحقوقها وابتعد عن الرفث والفسوق والآثام فإن الله-عز وجل- جعل جزاءه الجنة قال-صلى الله عليه وسلم- : (( الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة )) فقوله-عليه الصلاة والسلام- : (( الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة )) فيه دليل على فضل هذه العبادة العظيمة ، وجزيل وجميل وجليل ما أعد الله من الثواب وحسن العاقبة والمآب لمن عرف حقها وحقوقها ، ولذلك خشعت قلوب السلف الصالح-رحمهم الله برحمته الواسعة- فكانوا أصدق الناس براً في حجهم وإخلاصاً في عبادتهم وتأسياً برسولهم-صلوات الله وسلامه عليه- حجوا إلى بيت الله الحرام فضربوا في حجهم المثل الأعلى فيمن بر حجه ، وكان الواحد منهم إذا لبىَّ تغير وجهه تعظيماً لله-جل جلاله- وتعظيماً لشعائره ، ولا يزال الصالحون يحجون بيت الله الحرام فما حج عبد منهم إلا تغيرت أحواله ورجع بقلب غير القلب الذي كان معه قبل حجه من عظيم ما وضع الله من البركة والخير في هذا الركن العظيم من أركان دينه ، ولا يمكن للمسلم أن يكون حجه مبروراً وسيعه مشكوراً وذنبه مغفوراً وأجره عظيماً موفوراً إلا إذا تأس برسول الله-صلى الله عليه وسلم- ، وحرص في هذه العبادة على أن تكون أقواله وأعماله وأن يكون ظاهره وباطنه موافقاً لهذه السنة متبعاً فيه رسول الأمة-صلوات الله وسلامه عليه- ، وقد جاء عن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- أنه لما كان في آخر حياته نادى مناديه أنه يريد الحج وكانت حجة الوداع ؛ لأنها كانت في آخر عمره ؛ ولأن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- ودع فيها الأمة فوقف يوم عرفة وقال-صلوات الله وسلامه عليه- : (( أيها الناس اسمعوا قولي وخذوا عني مناسككم فإني لا أدري لعلي لا ألقاكم بعد عامي هذا )) ولذلك تأثر أصحاب النبي-صلى الله عليه وسلم- وعلموا أن رسول الأمة-صلى الله عليه وسلم- ودعهم بهذه الكلمات وأنه على وشك الرحيل من هذه الدنيا فوعت قلوبهم ، وخشعت افئدتهم وأخذوا عن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- هديه وسنته في حجة الوداع على أتم الوجوه وأكملها حتى حفظوا الزمان ، وحفظوا المكان ، وحفظوا الحركات ، وحفظوا الكلمات ، - فجزاهم الله عن أمة محمد-صلى الله عليه وسلم- خير الجزاء وأوفاه - . خرج-عليه الصلاة والسلام- إلى ميقات المدينة ذي الحليفة وخرج معه الصحابة فقد امتلأت المدينة حينما علموا أن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- سيحج ، وجاء عن جابر أن الناس أقبلوا من كل حدبٍ وصوب كلهم يسأل ماذا سيفعل رسول الله-صلى الله عليه وسلم- ؟! ولم ينتظروا أن يجتمعوا به في مكة ولكن تكلف بعضهم وأتى إلى المدينة وتحملوا مشقة الإحرام من أبعد المواقيت عن مكة كل ذلك لكي يصحبوه من أول هذه العبادة ولا يفوتهم شيء من شرف الرؤيا وشرف العلم . وهنا وقفة يتبين بها كل مسلم أن صحبة العلماء والحرص على السير معهم والتأدب بآدابهم والتعلم منهم والاستفادة منهم أنه هدي أصحاب رسول الله-صلى الله عليه وسلم- مع رسول الأمة ، وبذلك ضربوا المثل لكل من يتعلم ويحرص على العلم أن يكون أسبق الناس إليه وأن يأخذ هذا العلم على أتم الوجوه وأكملها . ولما خرج-عليه الصلاة والسلام- إلى ميقات ذو الحليفة وكان أبعد المواقيت عن مكة-شرفها الله- ، ولذلك قال بعض العلماء : عجبت من اختيار الله لنبيه-عليه الصلاة والسلام- فيمقات ذو الحليفة عند آخر حدود حرم المدينة فهو يخرج من حرم المدينة إلى حرمة العبادة حتى يأتي حرم مكة وهذا فضل عظيم فهو من حرم إلى حرمة فيصبح في عبادة واستشعار لحرمة ينبغي أن يصونها وأن يحافظ عليها ، فأَهَلَّ-عليه الصلاة والسلام- من ميقات ذو الحليفة وذلك بعد أن اغتسل-صلوات الله وسلامه عليه- ، وثبت في الحديث عن زيد بن ثابت-رضي الله عنه- أن النبي-صلى الله عليه وسلم- تجرد لإحرامه ثم اغتسل ففي الميقات من السنة أن يتجرد المحرم من ثيابه المخيطة لقوله -عليه الصلاة والسلام- : (( انزع عنك جبتك واغسل عنك أثر الطيب واصنع في عمرتك ما أنت صانع في حجك )) ولقوله-عليه الصلاة والسلام- : (( لا تلبسوا القمص ولا العمائم ولا السراويلات ولا البرانس )) فبين-عليه الصلاة والسلام- أن المحرم يتجرد من المخيط . ومن السنة أن يلقي التفث عن نفسه وأن يتطيب بأحسن ما يجد قالت أم المؤمنين عائشة-رضي الله عنها- طيبت رسول الله-صلى الله عليه وسلم- : لحله قبل حرمه ، ولحرمه قبل أن يطوف بالبيت ، وهذا الطيب يقع قبل الدخول في النسك ، فلو اغتسال ثم تطيب ثم أحرم فلا بأس ، ولو تطيب ثم اغتسل ثم أحرم فلا بأس ، ثم إن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- كان من سنته أنه صلى بذي الحليفة ثم أوجب ومن هديه أنه أوجب في مصلاه فأهل بالتوحيد : (( لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك )) فالسنة في التليبة أن تكون في نفس المصلى ، ثم ركب-عليه الصلاة والسلام- ناقته القصواء وأهل - أيضاً - بالتوحيد كما ثبت في الصحيح من حديث جابر-رضي الله عنه- ثم رقى البيداء فأهل بالتوحيد ، فهنا أخذ العلماء-رحمهم الله- مسائل :
|
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
نور المصطفى صلى الله وعليه وسلم | محمد | روحانيات | 8 | 31-12-2010 10:54 AM |
فضل الصلاة على الحبيب المصطفى | الاسد | روحانيات | 37 | 05-08-2009 08:03 PM |
من وصايا المصطفى صل الله عليه وسلم | عصوومه | روحانيات | 12 | 21-09-2008 09:00 AM |