| LinkBack | أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع | التقييم: | انواع عرض الموضوع |
| |||||||||||
سلسلة ( أنا التي ربتني عائشة ) .. رضي الله عنها تمهيد : بسم الله والحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله .. خاتم الأنبياء والمرسلين النبي المختار محمد صلى الله عليه وسلم تسليما كثيرا .. أما بعد أخواتي الحبيبات .. إني والله لأضع بين أيديكم كتاب ألفته ( أم حبيبة ) – جزاها الله عنا كل خير - اعتبريه دستورا لحياتك بكل جوانبها في إطار واحد أنك أمة لله عز وجل تتاجرين مع الله بأنفاسك وساعات عمرك في هذه الحياة الدنيا سواء كنت أم أو ابنة أو زوجة .. كيف تجعلين ليلك ونهارك ، أكلك وشربك ، قيامك وقعودك ، عاداتك ومعاملاتك ، كلامك وسكوتك حتى انفعالاتك لله عز وجل .. اعتبري هذا الكتاب إن شئتم منهاج حياة المرأة المسلمة ، ففي كل باب نماذج من السابقات المجتهدات في هذا المجال سواء من سلفنا الصالح أو ممن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين حتى لا تستوحشي الطريق ولا تتعسري في خطواتك ولا تدعي الوهن والعجز في طريق سبقك فيه هذا الجم الغفير من النساء الصالحات .. فأقولها بكل فخر وبكل قلب ينبض بالحب أنا التي ربتني عائشة رضي الله عنها وأرضاها .. - ألست من بنات عائشة ؟؟ حبيبتي أين أنت من خديجة وعائشة وفاطمة رضي الله عنهن .. ألست من بناتهن ؟ أين الصالحات القانتات الفضليات .. أين ربات الخدور وذوات المناهج والمبادئ القويمة .. أين الصادقات اللاتي يرين أن قطع ألسنتهن أحق عندهن من أن يكذبن أو يتملقن أو يناقضن أو يغتبن .. أين اللاتي إذا وعدن صدقن وإذا عاهدن وفين .. أين أهل العفو عند المقدرة .. أين أهل العدل والإنصاف اللاتي حلمهن مثل الجبال الراسيات .. أين اللاتي يتلمسن الكرب ليفرجوها .. أين اللاتي لا يألفن ولا يجالسن إلا أهل الصلاح ويبتعدن كل البعد عن أهل المعاصي وأماكنهن .. أين المرأة المتدينة .. أين المرأة المسلمة المهذبة التي لا تتلبس في سرها ولا في علانيتها بحال تستحي من إطلاع العقلاء عليه ، ولا تعمل عملا لا يرفعها عند الله درجة ولا تقول قولا غير مفيد لسماعه .. فلا يطيب لها مجلس إلا إذا كان فيه ذكر من كتاب الله أو سنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم .. ولا يطيب لها ليل إلا وقد قامت وتضرعت وبكت وتذللت بين يدي المولى عز وجل .. أين التي درست حياة نبيها وتخلقت بأخلاق أمهاتها أمهات المؤمنين فكأنها في بيوتهن درجت وعلى أخلاقهن تربت وبين حنايا أضلاعهن تقلبت فنجدها وسط هذا الفتن والابتلاءات ، وبين ثنايا هذه الغربة تقوم وتنتفض ، بل تصرخ وتقول إليكم عني .. أنا التي ربتني خديجة وعائشة وفاطمة رضي الله عنهن .. هذا هو نسبي وهؤلاء هن أمهاتي .. فقد قال ربنا .. ( كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ) .. أنتي أم وزوجة وابنة لك تأثير بالغ في صلاح المجتمع أو فساده .. أنتي نصف المجتمع الإسلامي بل وكله فأنتي التي تربي النصف الآخر .. فصلاحك صلاح للمجتمع كله .. أنتي الصانعة للأمجاد .. أنتي التي أولاها ديننا العناية .. أنتي التي لا تقبلين الاحتقار والإهانة والإذلال .. أنتي التي انتسبتي للإسلام فأعزك به وشرفك عن باقي الأديان .. أنتي التي ينظر لها الإغريق على أنها رجس من عمل الشيطان .. أنتي التي لا روح لها عند الرومان ومن حقهم أن تقاسي أشد أنواع العذاب .. أنتي التي تدفن حية عند الصين .. ولا حق لك بالحياة بعد موت زوجك عند الهنود .. أنتي الواقعة تحت سلطة الرجل أن شاء أماتك أو أحياك عند الفرس .. أنتي التي يصورها اليهود على أنها لعنة .. أنتي التي يصورها النصارى على أنها ينبوع المعاصي والآثام وأصل السيئة والفجور .. فليس لك إلا الإسلام .. الذي حررك ورفع شأنك وكرمك قرآنا وسنة .. أنتي التي تقلب لها صفحات التاريخ لتدرس سيرتك .. سيرة المرأة المسلمة .. كيف تأثرت بالإسلام مؤمنة عابدة ، وانفعلت به مجاهدة صابرة ، ثم كيف أثرت في الإسلام أما وبنتا وزوجة وعالمة .. أنا التي ربتني عائشة .. هلمي ابنة عائشة فهذه هي عائشة : - من هي عائشة رضي الله عنها ؟! هي الصديقة بنت الصديق الإمام الخليفة الصديق خير من مشى على الأرض بعد الأنبياء والمرسلين صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفره ووزيره في حضره وأقرب الصحابة إلى قلبه .. كان خير صاحب له ناصح أمين معين وكيف لا وهو الذي اختاره رب العالمين ليصطحب نبيه في الغار واختاره ليصلي بالناس في حياة المصطفى واختاره ليكون خليفته من بعده واختار ابنته لتكون أحب زوجات النبي صلى الله عليه وسلم إلى قلبه وعن أبيها .. هي عائشة القرشية التميمية المكية كنيتها ( أم عبدالله ) فعن عائشة رضي الله عنها قالت : لما ولد عبدالله بن الزبير أتيت به النبي صلى الله عليه وسلم فتفل في فيه فكان أول شيء دخل في جوفه وقال : ( هو عبدالله وأنت أم عبدالله ) ما زالت تكنى بها وما ولدت قط .. فهي أم المؤمنين زوجة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة وحبيبته المقربة إلى قلبه الفقيهة العابدة العالمة الربانية المبرأة من فوق سبع سماوات بقرآن يتلى آناء الليل وأطراف النهار تنزيل من حكيم حميد .. عائشة ممن ولد في الإسلام وهي أصغر من فاطمة رضي الله عنها بثماني سنوات وكانت تقول : ( لم أعقل أبوي إلا وهما بدينان بالدين ) .. يقول الحافظ الذهبي رحمه الله تعالى في وصف عائشة : كانت رضي الله عنها بيضاء جميلة شقراء ومن ثم يقال لها الحميراء، ولم يتزوج النبي صلى الله عليه وسلم بكرا غيرها ولا أحب امرأة حبها ، ولا أعلم في أمة محمد بل ولا في النساء مطلقا امرأة أعلم منها ، فهي زوجة نبينا بالدنيا والآخرة .. وعنها رضي الله عنها قالت : ( تزوجني النبي صلى الله عليه وسلم وأنا ابنة ست سنين ، فقدمنا المدينة ، نزلنا في بني الحارث بن الحزن فوعكت فتمزق شعرها فوفي جميمة فأتتني أمي أم رومان وإني لفي أرجوحة مع صواحب لي ، فصرخت بي فأتيتها ما أدري ما تريد مني ، فأخذت شيئا من ماء فمسحت به وجهي ، ورأسي ثم أدخلتني الدار فإذا نسوة من الأنصار في البيت فقلن على الخير والبركة وعلى خير طائر ، فأسلمتني إليهن فأصلحن من شأني فلم يرعني إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلمتني إليه وأنا يومئذ بنت تسع سنين ) .. تزوج بها النبي وهي ابنة سبع سنوات وبنى بها وهي بنت تسع سنوات وكان صلى الله عليه وسلم ابن أربع وخمسين سنة وعاش معها تسع سنوات ومات عنها وهو ابن ثلاث وستين وهي لم تخط بعد التاسعة عشر رضي الله عنها .. ابنة التاسعة عشر هذه تحملت أمانة نقل أحكام الشرع إلى الأمة كلها وملأت أرجاء العالم علما وفقها روت من الأحاديث ما لم يرو مثله أحد من الصحابة إلا أبا هريرة وابن عمر رضي الله عنهما .. قال الزهري : ( لو جمع علم الناس كلهم وأمهات المؤمنين لكانت عائشة أوسعهم علما ) وقال عطاء بن رباح : ( كانت عائشة أفقه الناس وأحسن رأيا في العامة ) وقال أبو عمر بن عبد البر : ( إنها كانت وحيدة عصرها في ثلاثة علوم ، علم الفقه ، وعلم الطب ، وعلم الشعر ) روي عن ابن سيرين عن الأحنف قال : ( سمعت خطبة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي والخلفاء من بعدهم فما سمعت الكلام من فم مخلوق أفخم ولا أحسن منه من في عائشة ) قال مسروق : ( رأيت مشيخة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونها عن الفرائض ) .. وهنا لابد لنا من وقفة فقد عاشت الصديقة بعد موت رسول الله خمسين عاما عاشتها على ضوء تسع سنوات هي كل حياتها مع النبي صلى الله عليه وسلم نصف هذه السنوات كانت تستكمل فيها عائشة طفولتها ثم تمر بمرحلة شبابها التي مات عنها النبي وهي في أولها وتتوالى بعدها كل مراحل العمر التي أثرتها عائشة بعلمها وفقهها وورعها وزهدها حتى كانت أعلم نساء الأرض ..فهذه هي عائشة التي اعتبرت حياتها مع النبي مدرسة ربانية كرست ليلها ونهارها للتعلم من أدب النبوة .. لم تترك لحظة تمر ولا موقف يحدث إلا وتسأل عنه المصطفى صلى الله عليه وسلم .. لم تتعامل معه على أنه زوج بل أخذته معلم ومربي وزوج وحبيب ورفيق لذا كانت أحب نساءه إليه وأكثر نساءه نقلا عنه صلى الله عليه وسلم وعت لما لم تعه امرأة من نساءه فضلا عن نساء الأمة كلها .. نقلت لنا هذه الأم الفاضلة حياة النبي صلى الله عليه وسلم سمته ، خلقه ، ضحكه غضبه ، زهده ، ورعه ، عبادته ، خشوعه بين يدي ربه ، بكائه في جوف الليل عدله في رضاه وغضبه ، مثاليته ، وذكاءه الفطري في التعامل مع زوجاته وأصحابه ، إحسانه في سره وعلانيته ، نقلت لنا عاداته وعباداته وحتى طبائعه التي جبل عليها صلى الله عليه وسلم ، نقلت لنا مشاهد تصويرية بل وتفصيلية عن حياته ، فكان حق على كل مسلم أن يترضى عن أم المؤمنين عائشة التي كانت ولا شك سببا لنا في الاهتداء بهديه صلى الله عليه وسلم والإقتداء بسننه ، فمن أين لنا أن نتعلم سنة النبي لولا هؤلاء الصحابة الصحابيات الكرام الذين اصطفاهم الله لحمل الدين والأمانة ونقلها للأمة فكانوا عن حسن ظن ربهم بهم خير أمة أخرجت للناس جزاهم الله عنا كل خير .. رضي الله عنك وأرضاك أمي الغالية ( أم المؤمنين ) عائشة جزاك الله خيرا عني وعن كل أمة الحبيب صلى الله عليه وسلم ورزقنا الله علمك وفقهك وهمتك العالية وجعلنا خير خلف لخير سلف وجمعنا الله بك على حوض النبي محمد صلى الله عليه وسلم ومن علينا بصحبتك وصحبة أمهات المؤمنين وصحبة الصحابة أجمعين تحت لواء إمام المتقين وسيد المرسلين محمد ابن عبدالله صلى الله عليه وسلم .. مناقب عائشة رضي الله عنها : - أنها بشارة من الرحمن : عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( رأيتك في المنام ثلاث ليال ، جاءني بك الملك في سرقة ، من حرير ، فيقول لي : هذه امرأتك ، فأكشف عن وجهك فأقول إن يك من عند الله ، يمضيه ) وعنها قالت : ( ما تزوجني رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتاه جبريل عليه السلام بصورتي وقال : ( هذه زوجتك في الدنيا والآخرة ) ( ولقد تزوجني وإني لجارية على حرف ( أي جلد مشقوق تلبسه البنات كالإزار ) فلما تزوجني أوقع الله عز وجل علي الحياء ) أخرجه الحافظ الدمشقي .. - حبيبة نبينا وزوجته في الدنيا والآخرة : عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر فاطمة رضي الله عنها قالت : فتكلمت أنا ، فقال : ( أما ترضين أن تكوني زوجتي بالدنيا والآخرة قالت : بلى ... قال : فأنت زوجتي في الدنيا والآخرة ) أخرجه أبو حاتم .. عن عمرو بن العاص رضي الله عنه أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ( أي الناس أحب إليك يا رسول الله ؟ قال : عائشة قلت من الرجال ؟ قال : أبوها قلت : ثم من ؟ قال : عمر ) أخرجه الشيخان وأحمد والترمذي وقال حديث حسن .. وفي الحديث عندما ذهبت فاطمة رضي الله عنها تكلم النبي صلى الله عليه وسلم في عائشة رضي الله عنها قال لها : ( إنها حبة أبيك ورب الكعبة ) .. وفي رواية عن عائشة رضي الله عنها قالت : ( أرسل أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة رضي الله عنها إلى رسول الله فاستأذنت عليه وهو مضجع في مرطي فأذن لها فقالت : يا رسول الله إن أزواجك أرسلنني إليك يسألنك العدل في ابنة أبي قحافة تقول عائشة وأنا ساكتة – قالت : فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم أي بنية ألست تحبين ما أحب ؟ قالت بلى قال : فأحبي هذه ، فقالت : فقامت فاطمة حين سمعت ذلك من رسول الله فخرجت إلى أزواج النبي فأخبرتهن بالذي قالت وبالذي قال لها ، فقلن ما نراك أغنيت عنا من شيء فأرجعي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولي له : نسائك ينشدنك العدل في ابنة أبي قحافة فقالت فاطمة : والله لا أكلمه فيها أبدا ) لقد كان الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة رضي الله عنها فقالت عائشة رضي الله عنها : ( فاجتمع صواحبي إلى أم سلمة رضي الله عنها فقالوا يا أم سلمة إن الناس يتحرون بهدياهم يوم عائشة رضي الله عنها وإنا نريد الخير كما تريد عائشة فمري رسول الله أن يأمر الناس أن يهدوا إليه حيث ما كان ، قالت : فذكرت ذلك أم سلمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم قالت – أي أم سلمة – فأعرض عني ، فلما عاد إلي ذكرت له فأعرض عني ، فلما كان في الثالثة ذكرت له فقال : ( يا أم سلمة لا تؤذيني في عائشة فإنه والله ما نزل علي الوحي في لحاف امرأة منكن غيرها ) .. وعن عائشة رضي الله عنها قالت : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسأل في مرضه الذي مات فيه : ( أين أنا غدا ) يريد يوم عائشة رضي الله عنها فأذن له أزواجه أن يكون حيث أحب فكان في بيت عائشة حتى مات عندها صلى الله عليه وسلم قالت عائشة : ( فمات صلى الله عليه وسلم اليوم الذي كان يدور علي فيه فقد قبضه الله وإن رأسه بين سحري ونحري وخالط ريقه ريقي ) .. وعن عائشة رضي الله عنها قالت : ( مات رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي وفي يومي ، وبين سحري ونحري ، فدخل عبدالرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما ومعه سواك رطب ، فنظر إليه ، فظننت أن له به حاجة ، فأخذته فقضمته ومضغته وطيبته ، ثم دفعته إليه ، فاستن كأحسن ما رأيته مستنا ، فقد ذهب ريقه فسط من يده ، فأخذت أدعو بدعاء كان يدعو به رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مرض ، فلم يدع به في مرضه ذلك ، فرفع بصره إلى السماء فقال : الرفيق الأعلى الرفيق الأعلى ففاضت نفسه صلى الله عليه وسلم الحمدلله الذي جمع ريقي وريقه في آخر يوم في الدنيا ) .. - عائشة في الجنة : عن عائشة رضي الله عنها قالت : قلت : ( يا رسول الله من من أزواجك في الجنة ؟ قال : أما إنك منهن ) وعنها رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لقد رأيت عائشة في الجنة كأني أنظر إلى بياض كفيها ليهون علي بذلك عند موتي ) أخرجه أحمد في مسنده .. - طفولة عائشة : عن عائشة رضي الله عنها قالت : ( كنت ألعب بالبنات عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان لي صواحب يلعبن معي وكان الرسول صلى الله عليه وسلم إذا دخل ينقمعن ( أي يختبئن ويستترن ) فيسريهن ( أي يرسلهن ) إلي فيلعبن معي ) أخرجه الشيخان .. عن عائشة رضي الله عنها إنها قالت : بأبي وأمي أنت يا رسول الله أدع الله أن يغفر لي ما تقدم من ذنبي وما تأخر قالت : فرفع يديه حتى رأت بياض إبطيه وقال : ( اللهم اغفر لعائشة بنت أبي بكر مغفرة ظاهرة وباطنة لا تغادر ذنبا ولا تكسب بعدها خطيئة ولا إثما ) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أفرحت يا عائشة ) فقلت : إي والذي بعثك بالحق فقال : وأما والذي بعثني بالحق ما خصصتك بها من بين أمتي وإنها لصلاتي لأمتي في الليل والنهار فيمن مضى منهم ومن بقى إلى يوم القيامة أنا أدعو لهم والملائكة يؤمنون على دعائي ) .. عن النعمان بن بشير قال : جاء أبو بكر يستأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمع عائشة وهي رافعة صوتها على النبي صلى الله عليه وسلم فأذن له فدخل فقال : يا بنت أم رومان أترفعين صوتك على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أي النعمان وحال النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبينها .. فلما خرج أبو بكر رضي الله عنه جعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول لها يترضاها ( ألا ترين أني قد حلت بينك وبين الرجل ؟ ) قال : جاء أبو بكر فأستأذن عليه فوجده يضاحكها ، قال فأذن له فقال : يا رسول الله أشركاني في سلمكما كما أشركتماني في حربكما أخرجه أحمد .. عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إني لأعلم إذا كنت علي غضبى ) قالت : وبم تعرف ذلك يا رسول الله ؟ قال : ( إذا كنت علي راضية تقولين لا ورب محمد وإذا كنت علي غضبى تقولين لا ورب إبراهيم ) قلت : أجل ما أهجر إلا أسمك .. عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال : أقبلنا مهلين بالحج وأقبلت عائشة رضي الله عنها مهلة بالعمرة ، حتى إذا كنا بمنى عركت عائشة رضي الله عنها فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدها تبكي فقال : ( ما يبكيك ؟ ) قالت : شأني أني قد حضت .. قال : ( إن هذا شيء كتبه الله على بنات آدم ، فاغتسلي ثم أهلي بالحج ) ففعلت ووقفت المواقف كلها ، حتى إذا طهرت طافت بالكعبة وبالصفا والمروة ثم قال : ( قد حللت من حجك وعمرتك جميعا ) فقالت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا سهلا ، إذا هويت الشيء تابعها عليه : فأرسلها مع عبدالرحمن فأهلت بعمرة من التنعيم .. أخرجه مسلم .. وعن عائشة رضي الله عنها قالت : دخل النبي صلى الله عليه وسلم وعندي جاريتان تغنيان بغناء بعاث فاضجع على الفراش وحول وجهه فدخل أبو بكر رضي الله عنه فانتهرني وقال : مزمار الشيطان عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبل عليه رسول الله وقال : ( دعهما ) فلما غمزتهما خرجتاوكان يوم عيد يلعب السودان بالدرق والحراب فإما سئلت رسول الله صلى الله عليه وسلم وإما قال لي : ( تشتهين تنظرين ؟ ) فقلت : نعم فأقامني وراءه خدي على خده وهو يقول : ( دونكم بني أرفدة ) حتى إذا مللت قال : ( حسبك ؟ ) قلت : نعم قال : ( اذهبي ) وعنهما قالت رضي الله عنها : لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم على باب حجرتي والحبشة يلعبون بحرابهم في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يسترني بردائه لكي أنظر إلى لعابهم ثم يقوم من أجلي حتى أكون أنا التي أنصرف .. فأقدروا قدر الجارية الحديثة السن الحريصة على اللهو .. عندما نزلت آية التخيير بدأ النبي صلى الله عليه وسلم بعائشة فقال لها : ( إني ذاكر لك أمرا ما أحب أن تعجلي فيه حتى تستشري أبويك ) قالت : ما هو ؟ فتلا عليها الآية : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنّ َ سَرَاحًا جَمِيلًا ) الأحزاب : 28 فقالت عائشة أفيك أستأمر أبوي بل أختار الله ورسوله ، وأسألك ألا تذكر لامرأة من نسائك ما اخترت ، فقال صلى الله عليه وسلم : ( إن الله لم يبعثني متعنتا ولكن بعثني معلما مبشرا لا تسألني امرأة منهن شيئا إلا أخبرتها ) أخرجه مسلم .. - فضل عائشة وبركتها على أمة محمد صلى الله عليه وسلم : توسعة الله عز وجل على الأمة برخصة التيمم : عن هشام عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها وعنهما أنها استعارت من أسماء قلادة ، فهلكت ، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم أناسا من الصحابة في طلبها ، فأدركتهم الصلاة ، فصلوا بغير وضوء فلما أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم شكوا إليه ذلك ، فنزلت آية التيمم ، فقال أسيد بن حضير : جزاك الله خيرا ، فوالله ما نزل بك أمر قط إلا جعل الله لك منه مخرجا وجعل للمسلمين فيه بركة .. عن أبي مليكة قال : جاء ابن عباس رضي الله عنه يستأذن على عائشة رضي الله عنها فقالت : لا حاجة لي به ، فقال عبدالرحمن بن أبي بكر : إن ابن عباس من صالحي بنيك ، جاء يعودك !! قالت : فأذن له ، فدخل عليها فقال : يا أماه أبشري فوالله ما بينك وبين محمد صلى الله عليه وسلم والأحبة إلا أن تفارق روحك جسدك ، كنت أحب نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه ، ولم يكن يحب رسول الله إلا طيبة فقالت : وأيضا !!! قال : هلكت قلادتك ب الأبواء فأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصبح الناس ليس معهم ماء فأنزل الله تعالى : ( فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا ) فكان ذلك بسببك وبركتك ما أنزل الله تعالى لهذه الأمة من الرخصة ، وكان من أمر مسطح ما كان ، فأنزل الله براءتك من فوق سبع سموات ، فليس مسجد يذكر فيه الله إلا وشأنك يذكر فيه ، آناء الليل وأطراف النهار .. ، قالت : يا ابن عباس دعني منك ومن تزكيتك فوالله لوددت أن كنت نسيا منسيا .. أخرجه أبو حاتم وهو عند أحمد من حديث ذكوان ، حاجب عائشة رضي الله عنها .. - نزول برائتها من السماء قرآنا يتلى إلى يوم القيامة : عن الزهري قال : أخبرني سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير وعلقمة بن وقاص وعبيدالله بن عبدالله بن عتبة بن مسعود حديث عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم حين قال لها أهل الإفك ما قالوا فبرأها الله .. فقد ذكروا أن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه ، فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه . قالت : فأقرع بيننا في غزاة غزاها ، وخرج فيها سهمي ، فخرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم . وذلك بعد ما أنزل الله الحجاب ، فأنا أحمل في هودجي وأنزل فيه مسيرنا ، حتى إذا فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوته وقفل ، ودنونا من المدينة ، أذن ليلة الرحيل ، فمت حين أذن بالرحيل فمشيت حتى جاوزت الجيش ، فلما قضيت شأني أقبلت إلى الرحل فلمست صدري فإذا عقد من جزع ظفار وقد انقطع فرجعت فالتمست عقدي فحبسني ابتغاؤه ، وأقبل الرهط الذين كانوا يرحلوا بي ، فحملوا هودجي فرحلوه على بعيري الذي كنت أركب ، وهم يحسبون أني فيه . قالت : وكان النساء إذ ذاك خفافا لم يهبلن ولم يغشهن اللحم إنما يأكلن العلقة من الطعام ، فلم يستنكر القوم ثقل الهودج حين رحلوه ، وكنت جارية حديثة السن ، فبعثوا الجمل وساروا .. ، ووجدت عقدي بعدما استمر الجيش ، فجئت منزلهم وليس به داع ولا مجيب ، فتيممت منزلي الذي كنت فيه ، وظننت أن القوم سيفقدوني فيرجعون إلي ، فبينما أنا جالسة في منزلي غلبتني عيناي فنمت ، وكان صفوان بن معطل السلمي – ثم الذكواتي – قد عس وراء الجيش فأدلج عند منزلي فرأى سواد إنسان نائم فأتاني فعرفني حين رآني ، وقد كان يراني قبل أن يضرب علي الحجاب ، واستيقظت باسترجاعه حين عرفني ، فخمرت وجهي بجلبابي ، فوالله ما كلمني كلمة ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه حين أناخ راحلته فوطىء على يديها فركبتها ، فانطلق يقود بي الراحلة حتى أتينا الجيش بعدما نزلوا موغرين في حر الظهيرة ، فهلك من هلك في شأني ، وكان الذي تولى كبره عبدالله بن سلول فقدمت المدينة فاشتكيت حين قدمنا شهرا ، والناس يفيضون في قول أهل الإفك ، ولا أشعر بشيء من ذلك ، ويريبني في وجعي أني لا أعرف من رسول الله صلى الله عليه وسلم اللطف الذي كنت أرى منه حين أشتكي ، إنما يدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يقول : ( كيف تيكم ؟ ) فذلك ما يريبني ولا أشعر بالشر ، حتى خرجت بعدما نقهت وخرجت معي أم مسطح قبل المناصع ، وهي متبرزنا ، ولا نخرج إلا ليلا إلى ليل ، وذلك قبل أن تتخذ الكنف قريبا من بيوتنا ، وأمرنا أمر العرب الأول من التنزه ، وكنا نتأذى بالكنف أن نتخذها عند بيوتنا ، فانطلقت أنا وأم مسطح فأقبلت أنا وهي قبل بيتي حين فرغنا من شأننا ، فعثرت أم مسطح في مرطها فقالت : تعس مسطح ، قلت لها : بئس ما قلت أتسبين رجلا شهد بدرا مع رسول الله !!؟ قالت : أي هنتاه .. ألم تسمعي ما قال ؟ قلت : وماذا قال ؟ فأخبرتني بقول أهل الإفك .. فأذررت مرضا إلى مرضي ، فلما رجعت بيتي دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم ثم قال : كيف تيكم ؟ قلت إيذن لي أن أتي أبوي ؟ قالت : وأنا يومئذ أريد أن أتيقن الخبر من قبلهما ، فأذن لى رسول الله ، فجئت أبوي فقلت لأمي : يا أماه ما يتحدث الناس ؟ فقالت : أي بنية هوني عليك ، فوالله لعل ما كانت امرأة قط وفية عند رجل يحبها ولها ضرائر إلا وأكثرن عليها .. ، قلت : سبحان الله أو قد تحدث الناس بهذا ؟ قالت : فبكيت تلك الليلة حتى الصباح ، لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل النوم ، ثم أصبحت أبكي .. أما علي بن أبي طالب فقال : لم يضيق الله عليك ، والنساء سواها كثير ، وإن تسأل الجارية تصدقك ، قالت فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بريرة فقال : ( أي بريرة هل رأيت من شيء يريبك في عائشة ؟ ) فقالت له بريرة : والذي بعثك بالحق ما رأيت عليها قط أغمصه عليها أكثر من إنها جارية حديثة السن تنام عن عجين أهلها فتأتي الداجن فتأكله .. فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستعذر من عبدالله بن أبي بن سلول قال رسول الله وهو على المنبر يخطب : ( يا معشر المسلمين من يعذرني من رجل قد بلغني أذاه في أهل بيتي ، فوالله ما علمت على أهلي إلا خيرا .. ولقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا ، وما كان يدخل على أهلي إلا معي .. ) فقام سعد بن معاذ الأنصاري فقال : أنا أعذرك منه يا رسول الله ، وإن كان من الأوس ضربنا عنقه وأن كان من إخواننا الخزرج أمرتنا ففعلنا أمرك ، قالت : فقام سعد بن عبادة وهو سيد الخزرج وكان قبل ذلك رجلا صالحا ولكن احتملته الحمية فقال لسعد بن معاذ : لعمر الله لا تقتله ولا تقدر على قتله ... فقام أسيد بن حضير وهو ابن عم سعد بن معاذ فقال لسعد بن عبادة : كذبت لعمر الله لنقتله ، فإنك منافق تجادل عن المنافقين فثار الحيان : الأوس والخزرج حتى هموا أن يقتتلوا ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر ، فلم يزل صلى الله عليه وسلم يخفضهم حتى سكتوا وسكت .. قالت : ومكثت يومي ذلك لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم ، ثم بكيت ليلتي المقبلة على نفس الحال ، وأبواي يظنان أن البكاء فالق كبدي .. قالت : فبينما هما جالسان عندي وأنا أبكي إذ استأذنت علي امرأة من الأنصار فأذنت لها ، فجلست تبكي معي ، فبينما نحن على ذلك إذ دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم جلس قالت : ولم يجلس عندي منذ قيل ما قيل ، ولقد لبث شهرا لا يوحى إليه في شأني شيء .. قالت : فتشهد رسول الله حين جلس ثم قال : ( أما بعد يا عائشة فإنه بلغني عنك كذا وكذا ، فإن كنت بريئة فسيبرئك الله ، وإن كنت ألممت بذنب فاستغفري الله ثم توبي إليه ، فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب تاب الله عليه ) قالت : فلما مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم مقالته قلص دمعي حتى أجس منه قطرة ، فقلت لأبي : أجب عني رسول الله مما قال ، فقال : والله ما أدري ما أقول لرسول الله ، قلت لأمي : أجيبي عني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : والله ما أدري ما أقول لرسول الله فقلت وأنا جارية حديثة السن لا أقرأ كثير من القرآن : والله لقد عرفت أنكم سمعتم بهذا حتى استقر في نفوسكم وصدقتم به ، ولئن قلت لكم إني بريئة والله يعلم إني بريئة لا تصدقوني بذلك ولئن اعترفت لكم بأمر والله يعلم إني بريئة تصدقوني ، وإني والله ما أجد لكم مثلا إلا كما قال أبو يوسف ( فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ ) يوسف : 18 .. ثم تحولت فاضطجعت على فراشي ، وقالت : وأنا والله أعلم أني بريئة ، وأن الله مبرئي ببراءة ، ولكن والله ما كنت أظن أن ينزل في شأني وحي يتلى ، ولشأني كان أحقر في نفسي من أن يتكلم الله في بأمر يتلى ، ولكن كنت أرجو أن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم رؤيا يبرئني الله بها .. فقالت : والله ما رام رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسه ولا خرج من أهل البيت أحد حتى أنزل الله على نبيه ، فأخذه ما كان يأخذه من البرحاء ( الشدة ) عند الوحي حتى إنه لتحدر منه مثل الجمان من العرق في اليوم الثاني من ثقل القول الذي نزل عليه قالت : فلما سرى عن رسول الله وهو يضحك ، فكان أول كلمة تكلم بها أن قال : ( أبشري يا عائشة أما أن الله عز وجل فقد برأك ) ، قالت لي أمي : قومي إلى عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قلت : والله لا أقوم إليه ، ولا أحمد إلا الله هو الذي أنزل براءتي .. فأنزل الله عز وجل : ( إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ* لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَات ُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ* لَوْلَا جَاؤُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاء فَأُوْلَئِكَ عِندَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ* وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ لَمَسَّكُمْ فِي مَا أَفَضْتُمْ فِيهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ* إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُم ْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُم مَّا لَيْسَ لَكُم بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمٌ* وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَذَا سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ* يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَن تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ* وَيُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ* إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) فلما أنزل الله براءتي في هذه الآيات ، قال أبو بكر رضى الله عنه وكان ينفق على مسطح لقرابته وفقره : والله لا أنفق عليه شيئا بعد الذي قال في عائشة .. فأنزل الله تعالى ( وَلَا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِي نَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ) فقال أبو بكر والله إني لأحب أن يغفر الله لي .. فرجع إلى مسطح النفقة التي كان ينفقها عليه وقال : لا أنزعها أبدا - فضل عائشة على سائر النساء : عن أبي موسى رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كمل من الرجال الكثير ، ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون ومريم بنت عمران ، وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام .. أخرجه أبو حاتم وابن ماجه .. وقال الترمذي عن أنس رضي الله عنه عن عائشة رضي الله عنها قالت : إني لأفخر على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم بأربع : ( ابتكرني ولم يبتكر امرأة غيري ، ولم ينزل عليه القرآن منذ دخل علي إلا في بيتي ، ونزل بعذري قرآن يتلى ، وأتاه جبريل بصورتي مرتين قبل أن يملك عقدي ) .. قالت عائشة رضي الله عنها : ( أعطيت من الله عشر خصال لم تعطهن ذات خمار قبلي : صورت لرسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن أصور في رحم أمي ، وتزوجني بكرا ولم يتزوج بكرا غيري ، وكان ينزل عليه الوحي وهو بين سحري ونحري ، ونزلت براءتي من السماء وكنت أحب الناس إليه صلى الله عليه وسلم ، وخير وهو بين حاقنتي وذاقنتي ، وتوفي في يومي ، ودفن في بيتي صلى الله عليه وسلم ) .. - حياة مليئة بالعلم والعبادة : تصدرت نساء الصحابة أمهات المؤمنين وآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم وعلى رأسهم أم المؤمنين عائشة الصديقة بنت الصديق رضي الله عنها .. عن عبدالله بن الزبير قال : ما رأيت امرأتين قط أجود من عائشة وأسماء وجودهما مختلف ، أما عائشة فكانت تجمع الشيء حتى إذا اجتمع عندها قسمته وأما أسماء فكانت لا تمسك شيء لغد .. قال عروة : بعث معاوية مرة إلى عائشة بمائة ألف درهم فقسمتها ولم تترك منها شيئا ، فقالت بريرة : أنت صائمة ، فهلا ابتعت لنا منها بدرهم لحما ؟ قالت : لو ذكرتيني لفعلت .. وعنه أيضا قال : وإن عائشة تصدقت بسبعين ألف درهم ، وإنها لترقع جانب درعها .. عن عروة عن أبيه قال : ما رأيت أحدا من الناس أعلم بالقرآن ولا بفريضة ولا بحلال ولا بحرام ولا بشعر ولا بحديث العرب ولا بنسب من عائشة رضي الله عنها .. وعن سفيان بن عيينة قال : قال الزهري : لو جمع علم عائشة إلى علم جميع أزواج النبي صلى الله عليه وسلم كان علم عائشة رضي الله عنها أكثر .. أو في رواية أخرى : لكانت عائشة أوسعهم علما .. - اجتهادها وزهدها وخوفها : عن عروة عن أبيه : أن عائشة رضي الله عنها كانت تسرد الصوم .. وعن القاسم : إن عائشة كانت تصوم الدهر ولا تفطر إلا يوم أضحى أو يوم فطر .. وعن عروة قال : كنت إذا غدوت ببيت عائشة أسلم عليها فغدوت يوما فإذا هي تسبح وتقرأ ( فَمَنّ اللّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السّمُومِ ) وتدعو وتبكي وترددها قمت حتى مللت القيام فذهبت إلى السوق لحاجتي ثم رجعت فإذا هي قائمة كما هي ، تصلي وتبكي .. - رحمة الله عليك أم المؤمنين : توفيت عائشة رضي الله عنها ليلة الثلاثاء لسبع عشرة من رمضان سنة ثمان وخمسين ، واهي ابنة ست وستين سنة .. وأوصت أن تدفن بالبقيع مع صويحباتها وصلى عليها أبو هريرة وكان خليفة مروان بالمدينة .. روي الحاكم في ( المستدرك ) بإسناد صالح عن أم سلمة أنها لما سمعت الصرخة على عائشة قالت : والله لقد كانت أحب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أباها .. فرحمة الله عليك ورضوانه ومغفرته أم المؤمنين المربية الفقيهة العالمة العابدة .. أما إن القلوب دامية والعيون دامعة ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا لفراقك يا أمنا لمحزونون ، ولكن كما قال عبدالله بن عبيد : أما إنه لا يحزن عليها إلا من كانت أمه .. - أنا التي ربتني عائشة .. منهاج المرأة المسلمة : - اجعلي همك واحدا يجمع الله عليك شملك .. أول همسة ( عبادة الله ) : منهج المرأة المسلمة وهمها الأسمى عبادة الله وحده وهو أول طريق وأوسطه وآخره .. فالمرأة لا تنطلق إلى أي عمل من الأعمال إلا من منطلق العبودية لربها .. فإما أن تكون الغاية رضا الله ودخول الجنة وإلا فلا .. - هيا بنا ننطلق في رحلة للوصول إلى الفردوس الأعلى من الجنة : • اجعلي همك هما واحد يجمع الله عليك شملك وسيري في طريق واحد على نهج واحد وهدف واحد وهو بلوغ الفردوس الأعلى من الجنة فلا تلتفتي يمينا ولا شمالا والله سيسخر لك الله كل الأسباب والأشياء كأنك ملكتي الدنيا وما عليها .. فلا تقلقي أبدا على عيشك لأن عناية ربك تكفي .. • أعدي نفسك للوقوف بين يديه غدا واجعلي عمرك رحلة طاعة إلى الله عز وجل لا تتقدمي خطوة ولا تنطقي بكلمة ولا تعملي عملا إلا لله .. • راقبي الله في سرك وعلانيتك ، استحضري معنى وقوفك بين يدي الله ليل ونهار .. • اجعلي ساعة موتك واحتضارك وغسلك وتكفينك ودخولك قبرك مشاهد حية في قلبك ، حتى تكون عونا دائما على تقوى الله والاستعانة به في كل قول وعمل .. • لا تنشغلي بما لا يفيدك ولا ينفعك غدا بين يدي الله ، فالعمر ثمين فلا ترخصيه بالتفاهات وسخائف الأمور واستعلي بهمتك وافردي بنفسك ساعة كل يوم لمراجعة النفس وإصلاح القلب والتفكير في أمر الآخرة .. • أطلبي ما عند الله .. وما عند الله لا ينال إلا بطاعته عز وجل .. • صححي عقيدتك في الله واضبطي أعمالك بميزان العقيدة الصحيحة ، فإن قبول الأعمال مبني على صحة العقيدة والاخلاص ويكون ذلك بانشراح الصدر وسعادة القلب بالعبادة .. • طهري قلبك من الحسد والحقد والشحناء وأعديه ليصلح لحب الله .. فحب الله جوهرة ثمينة لا يمكن أن توجد بين هذه المنغصات .. • إن فاتك شيء من حظوظ الدنيا فلا تحزني ولا تهتمي ولا تقلقي من كوارثها ومصائبها فهي دار محن وبلاء وأكدار .. اقبليها على حالها ولا تركني لها فهي بلا شك زائلة .. فالرسول صلى الله عليه وسلم اعتبرها سجن المؤمن وجنة الكافر .. الدنيا عمرها لا يزيد عن فترة استراحة التي يقضيها الإنسان في منتصف الطريق .. فقد اعتبرها أهل الإيمان ممر ولم يرتضوها مقر .. • انشغلي بكتاب ربك تلاوة وحفظا .. تفكرا وتدبرا .. • انظري لمن فوقك في الدين ولمن هو أسفل منك في الدنيا .. • أكثري من النظر لأهل البلاء حتى تتعرفي على نعم الله عليك .. ففي كل دار نائحه وفي كل عين دمعة وفي كل جسد أنين .. • احمدي الله فلا تظني أنك وحدك صاحبة البلاء .. عددي نعم الله عليك .. انظري في المرآة فلك عينان تبصران وغيرك مكفوف البصر ، ولك أذنان تسمعان وغيرك أصم ، ولك لسان يتكلم وغيرك أبكم يصرخ بالناس فلا يفهمون .. تقومين وتجلسين وتمرحين وتتقلبين بالفراش كما شئت وغيرك عاجر لسنوات بلا حراك .. عندك أم وأب وعائلة تحبينهم ويحبونك فأين رضاك ؟ تنامين مليء الجفون وتأكلين مليء البطون .. فهل شكرت الرحمن ؟ .. سلمت من الأمراض والأوجاع وعوفيت من الجنون والسرطان فأين عقلك ؟ رزقت الإسلام والإيمان ومعك القرآن يرشدك لما ينفعك ويجنبك عما يضرك فأين شكرك ؟ .. لك رب تعرفينه ويطمئن قلبك بذكره ويذهب روعك وفزعك بالسجود له وينشرح صدرك بمناجاته وتتمتعين بقربه وتتلذذين بعبادته والخضوع له في جوف الليل وغيرك هائم على وجهه حيران تائه .. هل علمت الآن قدر ربك عليك ؟؟؟ كيف تشتكين وتضجرين وربك هو الملك بل مالك الملوك .. سبحانه يرجع إليه الأمر كله ولا يخفى عليه شيء .. يعلم حالك ويرى مكانك ويسمع دعائك ويجيب رجائك ويفرج كربك ويشفي مريضك ويرزقك من حيث لا تحتسبي مال وزوج وسكن وذرية ... إلخ في كل ما سألتيه أعطاك لا يبخل عليك شيئا سبحانه سخاء في الليل والنهار .. لا يمل من كثرة ندائك ولا يسأم من كثرة مطالبك ، كريم منان .. تعصينه ويحلم عليك ويذكرك بالاستغفار ويلهمك بالدعاء .. يتقرب إليك بنعمه وأفضاله وتغفلين عنه ؟ تبارزينه بالمعاصي ويتودد إليك بالفضائل .. إن أسأت فهو الغفور ، وإن أحسنت فهو الشكور .. فسبحان من له العزة والكبرياء .. • لا تتوقعي سعادة أكبر مما أنت فيها فتخسري ما بين يديك .. فأعيدي النظر في حياتك .. - عبادتك تحتاج إلى تخطيط ومراجعة : عبادتك لربك تحتاج وضع خطة دقيقة جدا ومراجعة دائمة لأهدافك وطريقة تنفيذك لها .. وذلك لتفادي السلبيات ، والاستعداد لمواجهة العقبات .. انظري لأهل الصلاح كم هم حريصون على نيل أعلى الدرجات في الآخرة وأهل الدنيا حريصون على نيل أعلى المكاسب الدنيوية .. أنتي كامرأة مسلمة ترجو الله واليوم الآخر ترغب بأرقى أنواع التجارات وهي التجارة مع الله ففيها أفضل وأزكى الأرباح .. رضا الله ودخول الجنة .. فهلا أعددت خطة تستثمرين فيها رأس مالك ألا وهو عمرك وصحتك وفراغك .. تراجعي هذه الخطة بين الحين والحين لتدارك الأخطاء والتأكد من تناسبها مع قدراتك وأولوياتك ..فأنا لا أطلب منك خطة خيالية ولا أحلام وردية ولا خطة مؤجلة لأن عنوانها الفشل .. بل أريد خطة بخطوات مدروسة لكي تقولينها بكل فخر أنا التي ربتني عائشة .. لا تفعلي كل شيء مرة واحدة فتملين وتتعبين وتتركين العمل .. اعملي شيئا فشيئا ووزعيه على مراحل .. فالصلاة مثلا جعلها الله في خمس أوقات متفرقه ليكون العبد في راحة ويأتيها بالأشواق ولو جمعت في وقت واحد لمل العبد .. فجزئي العمل على فترات ووزعي أعمالك الدينية والدنيوية بعد كل صلاة .. ستجدين المتعة والفسحة في الزمن .. ابدئي الآن وافتحي ورقاتك وسجلي على نفسك كشف للمحاسبة .. سجلي كل شيء ولا تستحي من نفسك فقريبا يفتح ذلك السجل بينك وبين ربك وتُسألين عما به .. أختاه انتبهي وتيقظي .. كم عمرك الآن عشرون .. ثلاثون .. أربعون .. تخيلي منذ ولادتك وأنت تسيرين في طريقك إلى ربك .. كل يوم يمر يبعدك عن دنياك ويقربك إلى قبرك .. انظري إلى حجم تقصيرك كيم ضيعت الوقت وكم فرطتي في الساعات وكم هانت عليك نفسك فأقحمتيها في المعاصي والذنوب ؟؟؟ .. كم غرتك دنياك وغرك جمالك وشبابك ورغبة الآخرين فيك ؟؟ .. كم أعجبت بنفسك وحلاوة منطقك ؟؟ .. وكم أعجبك مالك وعيالك وحسبك ونسبك ؟؟ كم طال أملك وعظمت أعذارك ؟؟ كم خاصمت وجادلت ؟؟ كم ظلمتي واغتبتي ؟؟ كم كذبت واستهزأت ؟؟ كم افتريت وفتنتي ؟؟ كم مكرتي ؟؟ نسيتي قول ربك : ( أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ ) أختي أفيقي فالعمر أوشك على الانقضاء والأنفاس تتصارع على الانتهاء .. اعدي الإجابة على سؤال ربك عن دينك وعمرك ومالك وعلمك ؟ .. عندما يسألك عن زوجك وأبناءك ورعيتك ؟ .. عندما يسألك عن برك لأمك وأبيك ؟ .. عندما يسألك عن نصرتك لدينك وحسن إتباع سنة نبيك ؟ .. عندما يسألك عن سبب ضياع دينك وفتنة المسلمين ؟ .. عندما سألك ما غرك بربك الكريم ؟؟ غرك يا فتاة حلمه عليك ورفقه بك وصبره على جفائك واعتراضك !! أعدي الجواب الكافي لما عصيت ؟؟ .. أختاه .. لا تكوني عاصية فتانة بخيلة حقيرة ثرثارة فارغة العقل والقلب .. • أختاه .. ما هي أحوالك مع كتاب ربك ؟ كم جزء حفظت ؟ بل كم جزء قرأت ؟ وكم آية فقهت وتعلمت ؟ كم كلمة دخلت قلبك وعلقت به فتدبرت وعملت بها ؟ ماذا تنتظرين ؟ هل كتابك حجت لك أو عليك ؟ • هل أنت من أتباع النبي محمد صلى الله عليه وسلم .. كيف حالك ؟ أين أنت من العمل بسنته ؟ واقتفاء أثره ؟ هلا جعلتي سنته دستورا لحياتك .. تستحضرين أقواله وأفعاله في كل حين .. هلا جعلتي حياتك كلها محاكاة لحياته .. احيي سنته واتبعي نهجه ونهج أصحابه وتشبهي بهم .. • أختاه .. ما هي أخبار صلاتك ؟ أما زلت تنقرين الصلاة نقر الديك ؟ أما زلت تأخرين الصلاة عن وقتها وتجمعين الصلاة إلى الصلاة ؟ أما زلت تصلين وأنتي لا تنتهين عن فعل المعاصي والذنوب ؟ أما زال قلبك ساه لاه لا يستحضر معنى الوقوف بين يدي الله ؟ أما زلت تأخرين صلاة الفجر ولا تصليها إلا بعد الشروق ؟ • أختاه .. ما هي أحوال ليلك ؟ أين أنت وسط رهبان الليل ؟ أما زلت تنامين ملء العيون والجفون وكأن ساعات ليلك مجانية لا ثمن لها ؟ أخشى أن تكوني مما قضى ليلهم في لعب وسهر وغيبة ونميمة وعبث ثم تنام كالجثث الهامدة التي هي أقرب للموت من الحياة ؟ فالسلف الصالح يعتبرون دقائق الليل وساعاته من أغلى أوقات العمر .. أختاه أحضري لقدميك مكان بين رهبان الليل مع الأوتاد الراسخة في جنح الليل بين القوامين والتوابين .. أختاه .. أين دموع الباكين وخضوع المتضرعين وسجود الخاشعين القانتين وذل المنكسرين بين يدي الله هؤلاء ذاقوا العبادة وأنتي ؟ هناك في ظلمة الليل حيث التجرد التام من كل حول وقوة حيث الافتقار إلى رحمته ورضاه .. في جوف الليل حيث لا يراك ولا يسمعك أحد إلا الله .. وحده .. تلجأين إليه وتعترفين بين يديه بذنوبك وعاصيك وتذللك وانكسارك وافتقارك إليه وحاجتك من .. هناك في جوف الليل حيث تنهار جبال المعاصي والذنوب وتبدل السيئات حسنات وتنزل الرحمات .. • أختاه أين أنت من باب الصدقة ؟ أما زلت شحيحة بخيلة تخشين الفقر ونفاذ المال ؟ أما زالت نظرتك قاصرة تظنين أنه مالك ولو أنفقت منه لنفذ ؟ أختاه أفيقي فالمال ليس مالك وإن كان في جيبك .. فأنت ليست إلا خازنة لهذا المال الذي ابتلاك الله به ليختبر إيمانك .. هل تنفقين وفق ما أراد الله فيكون لك نعمة تأجرين عليها أم تحبسينه وتنفقيه في معاصيه فيكون عليك نقمة تحاسبين عليها ؟ والله كل متاع في الدنيا حلاله حساب وحرامه عقاب .. أنفقي حبيبتي في سبيل الله .. فما نقص مال من صدقة .. فربك وعدك ووعده صدق أن يخلف عليك به مالا وعطاء ورضا ونور أضعافا مضاعفة .. فسابقي إلى مرضاة ربك وانتظري رحمة ربك فيثيبك على صدقتك بنعيم الجنة .. فما أكرم وما أحلم الله سبحانه هو الغني الحميد .. • أختاه أما اشتقت أن تكوني صوامة ، قوامة ، هينة ، لينة ، كريمة ، عفيفة ، صادقة ، خاشعة ، عابدة ؟ أبواب الخير مفتوحة على مصراعيها وألوان الطاعات لا حصر لها .. فلا تظني أنك بمفردك فالسابقون بالطاعات غيرك كثير وكثير والواقفون على أبواب الجنة لا حصر لهم وخزائن ربك لا تنفذ وعطاؤه لا ينقطع .. سبحانه سخاء الليل والنهار .. حال السلف يعرفون كيف يتعاملون مع أنفسهم فالواحد يقوم الليل بكامله ولا يفتر وحينما يقولون له أرفق بنفسك قال راحتها أبغي .. وذاك الذي يمسك لسانه ويقرص عليه ويقول هذا الذي أوردني المهالك .. والآخر يقول لنفسه لأزحفن بك إلى الجنة زحفا .. - هؤلاء سبقوني .. عالمات وفقيهات من ربات الخدور: زينب بنت جحش .. تقول عائشة لم أر امرأة قط خيرا في الدين من زينب وأتقى لله وأصدق حديثا ، وأوصل للرحم ، وأعظم صدقة .. لقد كانت زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم أم المؤمنين صالحة صوامة بارة يقال لها أم المساكين .. عن أنس رضي الله عنه قال : دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد ، فإذا حبل ممدود بين الساريتين ، قال : ما هذا الحبل ؟ قالوا حبل لزينب فإذا فترت تعلقت به .. سودة بنت زمعة .. كانت شديدة التمسك بأمر النبي واتباعا لأمره .. حفصة بنت عمر بن الخطاب .. كانت عابدة خاشعة قانتة .. وقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم طلقها ثم راجعها بأمر جبريل عليه السلام بذالك وقال : انها صوامة قوامة وهي زوجتك في الجنة .. أم حبيبة .. كانت أشد الناس اتباعا لسنة النبي محمد وتمسكا بها فقالت : سمعت رسول الله يقول : من صلى اثني عشرة ركعة في يومه وليلته بنى الله له بيت في الجنة .. قالت أم حبيبة فما تركتهن منذ سمعتهن من رسول الله .. أخرجه مسلم .. جويرية بنت الحارث .. فقد قالت : أتى علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أسبح غدوة ثم انطلق لحاجته ، ثم رجع قريبا من نصف النهار وأنا أسبح فقال : ما زلت قاعدة ؟ قلت : نعم ، قال : ألا أعلمك كلمات لو عدلن بهن – أي لو وزن بهن وزنتهن – يعني جميع ما سبحت به وهن ، سبحان الله عدد خلقه ، ثلاث مرات ، سبحان الله زنة عرشه ثلاث مرات ، سبحان الله رضا نفسه ثلاث مرات ، سبحان الله مداد كلماته ثلاث مرات .. أخرجه مسلم .. أم الدرداء : السيدة العالمة الفقيهة هجيمة زوجة أبي الدرداء رضي الله عنه عرضت القرآن وهي صغيرة على أبي الدرداء وطال عمرها واشتهرت بالعلم والعمل والزهد .. قال يونس بن ميسرة : كنا نأتي أم الدرداء فنذكر الله عندها .. وقال أيضا : كن النساء يتعبدن مع أم الدرداء ، فإذا ضعفن عن القيام تعلقن بالحبال .. السيدة نفيسة .. السيدة المكرمة الصالحة ابنة الحسن بن زيد بن السيد سبط النبي صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي رضي الله عنه العلوية الحسنية .. كانت رحمها الله من الصالحات العوابد ، زاهدة تقية نقية تقوم الليل وتصوم بالنهار وتكثر البكاء من خشية الله عز وجل حتى قيل لها : ترفقي بنفسك ..لكثرة ما رأوا منها فقالت : كيف أرفق بنفسي وأمامي عقبة لا يقطعها إلا الفائزون .. حجت 30 حجة وكانت تحفظ القرآن وتفسيره .. توفيت رحمها الله وهي صائمة ، فألزموها الفطر ، فقالت : واعجباه !! .. أنا منذ ثلاثين سنة أسأل الله تعالى أن ألقاه صائمة ، أأفطر الآن ؟! هذا لا يكون .. عجردة العمية .. فكان دأبها الصلاة فلا تنفك عن محرابها .. عن آمنة بن علي بن سهيل قالت : وكانت عجردة العمية تغشانا ، فتظل عندنا اليوم واليومين ، فقالت : فكانت إذا جاء الليل لبست ثيابها ، وتقنعت ، ثم قامت إلى المحراب فلا تزال تصلي إلى السحر ، ثم تجلس فتدعو حتى يطلع الفجر ، فقلت لها : لو نمت من الليل شيئا ، فبكت وقالت : ذكر الموت لا يدعني أنام .. كانت تحيي الليل وكانت مكفوفة البصر .. فإذا كان السحر نادت بصوت لها محزون : إليك قطع العابدون دجى الليالي يستبقون إلى رحمتك وفضل مغفرتك ، فبك يا إلهي أسألك لا بغيرك أن تجعلني في أول زمرة السابقين ، وأن ترفعني لديك في عليين في درجة المقربين ، وأن تلحقني بعبادك الصالحين ، فأنت أرحم الرحماء وأعظم العظماء وأكرم الكرماء يا كريم ، ثم تخر ساجدة تبكي إلى الفجر .. حبيبة العدوية .. عن عبدالله المكي أبي محمد قال : كانت حبيبة العدوية إذا صلت العتمة قامت إلى سطح لها وشدت عليها درعها وخمارها ثم قالت : إلهي قد غارت النجوم ونامت العيون ، وغلقت الملوك أبوابها ، وخلا كل حبيب بحبيبه وهذا مقامي بين يديك .. ثم تقبل على صلاتها فإذا طلع الفجر قالت : إلهي هذا الليل قد أدبر ، وهذا النهار قد أسفر ، فليت شعري أقبلت مني ليلتي فأهنا أم رددتها علي فأعزى ؟ وعزتك لهذا دأبي ودأبك ما أبقيتني ، وعزتك لو انتهرتني عن بابك ما برحت ، لما وقع في نفسي من جودك وكرمك .. جارية الحسن بن صالح .. كان الحسن بن صالح يقوم الليل هو وجاريته ، فباعها لقوم فلما صلت العشاء افتتحت الصلاة ، فما زالت تصلي إلى الفجر ، وكانت تقول لأهل الدار كل ساعة تمضي من الليل : يا أهل الدار قوموا يا أهل الدار صلوا .. فقالوا لها : نحن لا نقوم إلا الفجر ، فجاءت إلى الحسن بن صالح وقالت : بعتني لقوم ينامون الليل كله ، وأخاف أن أكسل من شهور نومهم .. فردها الحسن عليه رحمة بها ووفاءا بحقها .. عابدة من بني عبدالقيس ..كانت إذا جاء الليل تحرمت ثم قامت إلى المحراب وكانت تقوم : المحب لا يسأم من خدمة حبيبه .. وكانت تقول : عاملوا الله على قدر نعمه عليكم وإحسانه إليكم ، فإن لم تطيقوا فعلى قدر ستره ، فإن لم تطيقوا فعلى الحياء منه ، فإن لم تطيقوا فعلى الرجاء لثوابه ، فإن لم تطيقوا فعلى الخوف من عقابه .. امرأة الهيثم بن جماز .. قال الهيثم : كان لي امرأة لا تنام الليل ، وكانت لا أصبر معها على السهر ، فكنت إذا نعست ترش علي الماء في أثقل ما أكون من النوم وتنبهني برجلها وتقول : أما تستحي من الله ؟! إلى كم هذا الغطيط ؟ فوالله إن كنت لأستحي بما تصنع .. أم الصهباء العدوية .. كانت تقول : عجبت لعين تنام ، وقد عرفت طول الرقاد في ظلمة القبور .. كانت إذا جاء الليل تقول : هذه الليلة التي أموت فيها فتصلي حتى تصبح .. شعوانة العابدة .. قال يحيي بن بسطام : كنت أشهد مجلس شعوانة فكنت أرى ما تصنع من النياحة والبكاء ، فقلت لصاحب لي : لو أتيناها إذ خلت فأمرنها بالرفق بنفسها فقال : أنت وذاك قال : فأتيناها فقلت لها : لو رفقت بنفسك ، وأقصرت من هذا البكاء شيئا ، فكان أقوى لك على ما تريدين ؟ قال : فبكت ثم قالت : والله لوددت أن أبكي حتى تنفذ دموعي ، ثم أبكي دما حتى لا تبقى قطرة من دم جارحة من جوارحي ، أني لي بالبكاء .. فما زالت تردد حتى غشي عليها .. عن روح بن سلمة قال : قال لي مضر : ما رأيت أحدا أقوى على كثرة البكاء من شعوانة ، ولا سمعت صوتا قط أحرق لقلوب الخائفين من صوتها إذا هي نشجت ، ثم نادت : يا موتى ، وبني الموتى ، وإخوة الموتى ! .. - أما تاقت نفسك للجنة ؟! : أقول لك أخية .. أما تاقت نفسك للجنة ؟ دار السلام والأمن والأمان .. جائزة الرحمن حيث النعيم الذي لا يفنى والراحة التي لا يعقبها نصب ولا ألم .. والسعادة التي لا يعقبها شقاء ولا حزن .. الجنة حيث نهاية رحلة المؤمنين ، وتوزيع الجوائز على الفائزين ، حيث سكون الألم وزوال الخوف والروع وذهاب الحزن والفزع .. حيث جني الثمار وجري الأنهار ولقاء الأخيار .. حيث مأوى النبيين والصديقيين والشهداء والصالحين ..كيف بجنة يسكنها أبو بكر وعمر وعثمان وعلي .. كيف بجنة تجاورك في سكانها خديجة وفاطمة ومريم وآسيا وعائشة .. كيف بجنة يسكنها أكابر الصحابة والتابعين .. كيف بجنة أول من يطرق بابها سيد العابدين وإمام المتقين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم .. كيف بجنة لها ثمانية أبواب مابين مصراعي باب من الأبواب مسيرة 40 عام .. انظر إلى عظمة اتساع هذا الباب .. يا له من زحام .. فيها والديك .. أبناءك .. أحبائك .. أصحابك .. انفتح باب الجنة .. حلق الباب ياقوت أحمر على صحائف من ذهب .. ماذا خلف الباب .. الرياض شاسعة والعيون جارية .. يا رضوان هذه أول زمرة جاؤوا لدخول الجنة قل لهم : سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين .. تلك الجنة بناؤها الذهب والفضة وحصباؤها الياقوت واللؤلؤ وترابها الزعفران .. أرائك من استبرق وحور عين ..نعيم لا يفنى وقرة عين لا تنقطع .. سلام الله عليكم يا أهل الجنة لستم في دار عمل إنما أنتم في دار جزاء .. أفلا أدلكم على أعظم من هذا كله .. رضوان من الله أكبر ..يلقونه في دار الإكرام والإنعام .. وعجلت إليك ربي لترضى أنا التي ربتني عائشة ( أم حبيبة )
|
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
المرأة التي بحث عنها الكل وأراد رأيتها واخير أتيت بصورة الحقيقة لها | محمد | لُغَة الصور .. والكاريكاتير الساخِر | 6 | 01-06-2011 12:44 AM |
اروى بنت عبدالمطلب رضي الله عنها | محمد | روحانيات | 22 | 23-05-2010 10:30 PM |
أرأيتم صور مدينة ارم التي قال عنها المولى عز وجل | أياس | روحانيات | 11 | 15-04-2009 09:58 PM |