09-12-2009, 02:16 AM
|
|
أحياء ولكن نبكي فقدهم .. من المعتاد والمشاهد أن البكاء لا يكون إلا على الموتى والراحلين ... ففقدهم يخلق فراغا كبيرا في وسط الميت ومجتمعه سواء أكان على المستوى العائلي الصغير أو على المستوى الشعبي الكبير ... هذا ما نشاهده ونراه بأعيننا أبعد الله عنا وعنكم فاجعة الموت في قريب أو عزيز . لكن من الأحياء الكثيرين الذين نخالطهم ويخالطوننا , نعيش معهم , ويسافرون معنا , نجالس بعضهم ويجالسوننا , منهم يا أحبتي ممن نهاتفهم بالهاتف , نبادلهم عذب الحديث وأرقه , وأجمل الكلام وأحسنه , نجاذبهم أطراف الحديث ونبث سوية شجون الحياة ومعتركها القاسي في وقتنا الحالي ... منهم من نكون قريبين جدا منه ... ومنهم من لا نراه إلا فترات قليلة وفي أوقات متقطعة ... هؤلاء فيهم أم حنونه , وأب طيب , وأيضا فيهم جدة تسكن في قرية بعيدة ... نزورها في العام مرة أو مرتين .... نسأل عن حالها على عجل ... باستطاعتنا أن نعد الدقائق وحتى الثواني وهو الوقت الذي أمضيناه معها ... ومع ذلك هي وهو وهم لا يمكن أن ينسونا ... فنحن في ذاكرتهم دائما .... في دمعاتهم التي تسابق ألسنتهم السائلة دائما عنا .... وعيونهم التي لا تمل النظر إلى الأفق البعيد فلعل وعسى .... من هؤلاء خال عطوف وعم كريم ... منهم عمة ظريفة وخالة خجولة ... من هؤلاء شيخ نراه على شاشة التلفاز العبرة تخنق صوته وهو يسرد موعظة أو تذكيرا بالله .... منهم مصلح اجتماعي يكتب مقالة إسبوعية من سنين ... لا يقرأ له إلا القليل لكنه لا يكل ولا يمل .... هؤلاء يا أحبتي نجوم وأقمار نهتدي بها في ظلمات الليل , ونرجع إليهم كلما حلت بنا ضائقة أو نزلت بنا مصيبة , ولا يمكن أن نجد قلبا صادقا يمنحنا المحبة والرحمة سواهم ...هؤلاء يمدون أيديهم لنا بكل عفوية وصدق عندما لا نجد من نمد له إيدينا ... هؤلاء لا يدخرون شيئا من مالهم ... فهم دائما فقراء ليغنوا غيرهم ... وبيوتهم عامرة ... وموائدهم البسيطة أشبعت الجميع .... دعواتهم دائما في صلواتهم وفي مواضع السجود لنا بالتوفيق وأن يمنحنا الله الجزاء الحسن ... إنهم أحياء كلما حل ذكراهم بالقلب خرجت الأدمع ... فتذكر فقدهم مؤلم ... وتخيل رحيلهم عنا يحيل المكان إلى وحشة وفراغ ... انتهى
توقيع : عبد العزيز بن عبد الله رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِي نَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ | |