صحيفة أخبارية
عدد الضغطات : 43,876
منتدى المزاحمية العقاري
عدد الضغطات : 67,561
عدد الضغطات : 9,386
العودة   مجالس الرويضة لكل العرب > مجالس الرويضة الخاصة > روحانيات
روحانيات على نهج اهل السنه والجماعة
إضافة رد
 
LinkBack أدوات الموضوع إبحث في الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
#11 (permalink)  
قديم 10-10-2009, 04:33 AM
عقيد القوم
عضو مجالس الرويضة
عقيد القوم غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 4448
 تاريخ التسجيل : 09-10-2009
 فترة الأقامة : 5379 يوم
 أخر زيارة : 17-11-2011 (03:08 AM)
 المشاركات : 131 [ + ]
 التقييم : 299
 معدل التقييم : عقيد القوم رائع عقيد القوم رائع عقيد القوم رائع
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي رد: حديقة الزهور (قطف فوائد من خطب الجمعه)



جزاك الله الف خير




رد مع اقتباس
#12 (permalink)  
قديم 16-10-2009, 01:54 PM
ناصرعبدالرحمن
.:: مراقب ::.
ناصرعبدالرحمن غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 787
 تاريخ التسجيل : 17-04-2007
 فترة الأقامة : 6284 يوم
 أخر زيارة : 06-10-2012 (01:31 PM)
 العمر : 45
 المشاركات : 2,069 [ + ]
 التقييم : 39340
 معدل التقييم : ناصرعبدالرحمن عضو الماسي ناصرعبدالرحمن عضو الماسي ناصرعبدالرحمن عضو الماسي ناصرعبدالرحمن عضو الماسي ناصرعبدالرحمن عضو الماسي ناصرعبدالرحمن عضو الماسي ناصرعبدالرحمن عضو الماسي ناصرعبدالرحمن عضو الماسي ناصرعبدالرحمن عضو الماسي ناصرعبدالرحمن عضو الماسي ناصرعبدالرحمن عضو الماسي
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي رد: حديقة الزهور (قطف فوائد من خطب الجمعه)



اخطبة الجمعه 27ـ10ـ1430هـ في جامع حلبان
لخطبة الأولى
أما بعد:أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل. أخوة الأخوة الاسلام نتحدث اليوم عن مابقي من قصة يوسف عليه السلام، توقفنا الاسبوع الماضي مع موقفه عليه السلام مع امرأة العزيز حيث كانت تراوده عن نفسها، فعصمه الله عز وجل واستجاب دعاءه وصرف عنه كيد هذه المرأة. لكن الخبر انتشر في أرجاء المدينة، وصارت تهمة العار ملصقة بالعزيز وآل بيته، ورأَوْا أنه لا يكف ألسنة السوء عنهم، إلا زجّ يوسف عليه السلام في السجن، لإلصاق التهمة به، رغم معرفتهم أنه بريء. وكانت حالة يوسف عليه السلام، عند دخوله السجن مزيجاً من الحزن والفرح، فأما الحزن، فلأنه سجن ظُلماً، وما سينجم عن ذلك من سمعة سيئة عند من لم يكن مطلعاً على الحقيقة، وكم في سجون العالم أيها الإخوة، من أبرياء مظلومين، أدخلوا السجن إما خطأ، أو ظلماً وعدواناً، فإنا نسلِّي هؤلاء، إن كانوا مسلمين، نسليهم بيوسف عليه السلام، وكيف أنه احتسب الأجر عند الله عز وجل، وصبر على ما أصابه، نسلي هؤلاء الأبرياء، كل من ظلم في قضية، سواء أُدخل السجن بسببها أو لم يُدخل، نسليهم بأن هناك يوماً آخر، تُوَفَّى كلُّ نفس ما كسبت، يومٌ، تقام فيه الموازين ويأخذ كل ذي حق حقه، يقف الناس سواسية أمام الله عز وجل، فيُعرفَ الظالم في ذلك اليوم، ويُفضَحُ أمام الناس، ويأخذ المظلوم حقه.
نقول أيها الإخوة، بأن يوسف عليه السلام حزن على دخوله السجن لأنه كان مظلوماً، وفرح من جهة أخرى، لخروجه من بيت سيدة العزيز، وابتعاده عن المكر والفتنة، وكان السجن فاتحة خير له. ورُبَّ مِحْنَة أيها الإخوة، خاتمتها مِنْحَةٌ، وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ
وصادف أن دخل معه السجن فتيان، من خدم الملك، بتهمة المؤامرة على الملك، فرأى كل واحد منهما رؤيا قصها على يوسف عليه السلام، فأخبرهما بما علَّمه الله عز وجل من علم المغيبات بما يوحى إليه، قال الله تعالى: ثُمَّ بَدَا لَهُمْ مّن بَعْدِ مَا رَأَوُاْ ٱلآيَـٰتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّىٰ حِينٍ وَدَخَلَ مَعَهُ ٱلسّجْنَ فَتَيَانَ قَالَ أَحَدُهُمَا إِنّى أَرَانِى أَعْصِرُ خَمْرًا وَقَالَ ٱلآخَرُ إِنّى أَرَانِى أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِى خُبْزًا تَأْكُلُ ٱلطَّيْرُ مِنْهُ نَبّئْنَا بِتَأْوِيلِهِ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ ٱلْمُحْسِن ِينَ قَالَ لاَ يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلاَّ نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَن يَأْتِيَكُمَا ذٰلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِى رَبّى إِنّى تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَهُمْ بِٱلآخِرَةِ هُمْ كَـٰفِرُونَ
أيها المسلمون، اغتنم يوسف عليه السلام، فرصة بقائه في السجن، ولم يقلْ بأن هذا سجن، لا يمكن أن يعمل فيه شيئاً، بل قام يدعو إلى الله عز وجل، حاول أن يهدي هؤلاء المسجونين معه، يهديهم إلى الله، وإلى العقيدة الصحيحة، قال تعالى: يٰصَاحِبَىِ ٱلسّجْنِ ءأَرْبَابٌ مُّتَّفَرّقُونَ خَيْرٌ أَمِ ٱللَّهُ ٱلْوَاحِدُ ٱلْقَهَّار ُ مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَءابَاؤُكُمْ مَّا أَنزَلَ ٱللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَـٰنٍ إِنِ ٱلْحُكْمُ إِلاَّ للَّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذٰلِكَ ٱلدّينُ ٱلْقَيّمُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَكم في هذا الموقف درس عظيم لنا أيها الإخوة، وهو أن الإنسان يجب أن يحاول في نشر الخير، وأن يُبلِّغ دين الله عز وجل، وأن يعلِّم الناس الخير، أنى وُجِد، وفي أي ظرف كان، فربما كلمة حق تقولها أخي المسلم، تخرج منك بإخلاص، تهدي بها إنساناً ضالاً، وربما لا يكون تأثيرها إلا بعد سنوات، لا تَحقِرَّنَّ أخي المسلم من المعروف شيئاً، هذا يوسف عليه السلام، وهو في ظلمات السجن، كلما سنحت له فرصة، دعا إلى الله عز وجل.
أخوة الاسلام، بعد تلك السنين التي قضاها يوسف في السجن، شاءت العناية الإلهية، أن يخرج يوسف من سجنه، بل ويتربع في أعلى المناصب الدنيوية، وإذا أراد الله عز وجل شيئاً هَيَّأَ له الأسباب، وهذه هي عاقبة الصبر أيها الإخوة. الإنسان يُخلَق وتُخلَق معه متاعبُه، من مصائبَ وآلامٍ،وفقر، ورضى، فقد حبيب، خسارة مال، وغير ذلك من مصائب الدنيا، فكل هذه الأمور، تحتاج إلى الصبر للتغلب عليها.
ولو تأملنا حياة نبي الله يوسف عليه السلام، رأيناها سلسلة من المتاعب التي انتهت بالمكانة المرموقة والحياة الطيبة. تبتدئ حياة يوسف عليه السلام بانسلاخه عن أهله، وإلقائه في البئر، ثم إنقاذه والعيش بعيداً عن أهله، مع ما في ذلك من ألم مكبوت على فراق أهله، وكيد إخوته، ثم تأتي مرحلة قاسية عليه، وهي زجُّه في السجن ظلماً وعدواناً،جزاء أمانته، ظل يوسف عليه السلام صامداً على مبادئه، صابراً على بلواه، مترقباً رحمة الله، منتظراً انفراج الأزمة، مؤمناً بالله وعدله، لم تزحزحه هذه المصائب عن إيمانه وثقته بالله عز وجل، وصدق الله إذ يقول: إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُحْسِن ِينَ
فيا من ابتلاكم الله عز وجل، بأي نوع من الابتلاءات، سواء من ابتُلِيَ في أهله، أو ابتلى في ماله، أو بأي نوع آخر من مصائب الدنيا وهمومها وغمومها، ليس لكم إلا الصبر، فإنه كما قال تعالى: إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُحْسِن ِينَ. والله لو احتسب الإنسان في كل ما يصيبه، فإن همومه وآلامه، تكون أجراً عند الله عز وجل، لو أخلص نيته لله سبحانه وتعالى، وهذا من عدل الله عز وجل، فإنه لا يمكن للمؤمن، أن يلاقيَ غمَّ الدنيا وغم الآخرة، والدنيا كلها أيها الإخوة، لا تساوي عند الله جناح بعوضة، فإنها أيام قلائل، ثم تَلقَوْن الله عز وجل، فيثيبَكم على صبركم. كم في هذه اللحظات من عمر يوسف عليه السلام من عبر وعظات. لمن وَفَّقَهُ الله عز وجل: إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُحْسِن ِينَ.
أيها المسلمون، جعل الله عز وجل سبباً في إخراج يوسف من السجن، أن رأى الملك في منامه رؤيا أثارت اضطرابه، وأوجس منها خيفة، فوجئ القوم برؤيا الملك، وظهر ارتباكهم، وتشاوروا فيما بينهم، ثم أجابوا ملكهم بأن هذه أخلاط أحلام باطلة، أثارتها هواجس الملك، وهي لا تدل على شيء.
وَقَالَ ٱلْمَلِكُ إِنّى أَرَىٰ سَبْعَ بَقَرٰتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلَـٰتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَـٰتٍ يٰأَيُّهَا ٱلْمَلا أَفْتُونِى فِى رُؤْيَـٰىَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ قَالُواْ أَضْغَـٰثُ أَحْلَـٰمٍ وَمَا نَحْنُ بِتَأْوِيلِ ٱلاْحْلَـٰ مِ بِعَـٰلِمِينَأُخبر الملك بعد ذلك، بأن هناك فتىً في السجن يفسر الأحلام يُوسُفُ أَيُّهَا ٱلصّدِيقُ أَفْتِنَا فِى سَبْعِ بَقَرٰتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنبُلَـٰتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَـٰبِسَـٰتٍ لَّعَلّى أَرْجِعُ إِلَى ٱلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ. شرع يوسف عليه السلام في تفسير الرؤيا، وكانت تحمل في طياتها نزول الكوارث، ولم يكتفِ عليه السلام بذكر الفواجع التي سوف تنزل، بل وصف الحلول المناسبة، للخروج من هذه الأزمة الخانقة، التي ستعمهم ببلائها، قال لهم يوسف عليه السلام: إن مصر سيأتي عليها سبع سنوات خصبة، فعليكم أن تزرعوا أرضكم قمحاً وشعيراً، وتواظبوا على زرعها عاماً بعد عام، فما تحصدونه ادخروه في سنابله، ولا تفرطوا فيه، وقَتِّروا على أنفسكم فلا تُخرجوا منه إلا القليل مما يقيم أودكم، ثم تأتي بعد هذه السنوات المخصبة، سبع سنين مجدبة قاحلة، تستهلكون فيها ما ادخرتم، ولا تبقون منه إلا القليل، ليكون بذراً لما تزرعونه، وبعد هذه السنين المجدبة، تأتي سنة خصبة يغاث فيها الناس بالمطر، وتجود الأرض بالغلات الوفيرة، قال تعالى: قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعُ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدتُّمْ فَذَرُوهُ فِى سُنبُلِهِ إِلاَّ قَلِيلاً مّمَّا تَأْكُلُونَ ثُمَّ يَأْتِى مِن بَعْدِ ذٰلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلاَّ قَلِيلاً مّمَّا تُحْصِنُونَ ثُمَّ يَأْتِى مِن بَعْدِ ذٰلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ ٱلنَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ.
أسأل الله عز وجل أن يريَنا الحق حقاً ويرزقَنا اتباعه، ويريَنا الباطل باطلاً ويرزقَنا اجتنابه، إنه ولي ذلك والقادر عليه.بارك الله لي ولكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم ونفعي وغياكم بهدي خير المرسلين أقول ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفوره إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
أما بعد: تتمة لقصة يوسف عليه السلام، أن الملك سُرَّ بتفسير يوسف للرؤيا، وعرف أنه أدخل السجن ظلماً، فازداد ثقة به، وميلاً إليه، خصوصاً وقد آنس منه ذكاءً وفهماً، عندها أخرجه الملك من السجن، وكلفه بوزارة المال، وولاه ألامور لاقتصادية، وجعله يتصرف كما يريد، وهذا شأن الله في عباده الصالحين، يَهَبُ نعمته لمن يختاره منهم، ويثيبهم في الدنيا على الإحسان الذي صنعوه، ثم إن ثواب الله في الآخرة، خير من ثواب الدنيا، للذين آمنوا وكانوا يتقون. قال تعالى: وَقَالَ ٱلْمَلِكُ ٱئْتُونِى بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِى فَلَمَّا كَلَّمَهُ قَالَ إِنَّكَ ٱلْيَوْمَ لَدَيْنَا مِكِينٌ أَمِينٌ قَالَ ٱجْعَلْنِى عَلَىٰ خَزَائِنِ ٱلأرْضِ إِنّى حَفِيظٌ عَلِيمٌ وَكَذٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِى ٱلأرْضِ يَتَبَوَّأُ مِنْهَا حَيْثُ يَشَاء نُصِيبُ بِرَحْمَتِنَا مَن نَّشَاء وَلاَ نُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُحْسِن ِينَ وَلاَجْرُ ٱلآخِرَةِ خَيْرٌ لّلَّذِينَ ءامَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ
أيها المسلمون، تحقق تأويل يوسف لرؤيا الملك، بمجيء السبع السنوات الخصبة، فرعاها يوسف بتدبيره، وخزّن الفائض من الغلات، وجاءت السنون السبع الأخرى المجدِبة، فحصل جوع وقَحْط لاسيما في البلاد المجاورة، لعدم استعداد أهلها لمثل هذه السنة.
وفي نهاية القصة، جاء إخوة يوسف ، لجلب الرزق للجوع الذي أصاب بلادهم، فعندما دخلوا عليه عرفهم، بينما هم لم يعرفوه، إلى أن أخفى صاع الملك في رحل أخيه، وفي النهاية عرفوه، فرجعوا إلى والدهم وبشروه بالخبر كما في الآية الكريمة: ٱذْهَبُواْ بِقَمِيصِى هَـٰذَا فَأَلْقُوهُ عَلَىٰ وَجْهِ أَبِى يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِى بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَعندها أمر يعقوب أولاده بتحضير وسائل السفر، تسرعاً وشوقاً للقيا ولده يوسف.
ووصلت أسرة يعقوب عليه السلام إلى مصر، فرأَوْا يوسف في استقبالهم، ولا نستطيع أن نصف مبلغ فرح وغبطة يعقوب، بلقاء ابنه، بعد فراق هذه السنين العديدة، وقال لوالده: هذا تفسير ما قصصت عليك من رؤيا، حين رأيت في المنام أحد عشر كوكبا، والشمس والقمر ساجدَين لي، قد حققه ربي فَلَمَّا دَخَلُواْ عَلَىٰ يُوسُفَ ءاوَىٰ إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ٱدْخُلُواْ مِصْرَ إِن شَاء ٱللَّهُ ءامِنِينَ وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى ٱلْعَرْشِ وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّدَا وَقَالَ يأَبَتِ هَـٰذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَـٰى مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبّى حَقّا وَقَدْ أَحْسَنَ بَى إِذْ أَخْرَجَنِى مِنَ ٱلسّجْنِ وَجَاء بِكُمْ مّنَ ٱلْبَدْوِ مِن بَعْدِ أَن نَّزغَ ٱلشَّيْطَـ ٰنُ بَيْنِى وَبَيْنَ إِخْوَتِى إِنَّ رَبّى لَطِيفٌ لّمَا يَشَاء إِنَّهُ هُوَ ٱلْعَلِيمُ ٱلْحَكِيمُ رَبّ قَدْ اتَيْتَنِى مِنَ ٱلْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِى مِن تَأْوِيلِ ٱلاْحَادِي ثِ فَاطِرَ ٱلسَّمَـٰو ٰتِ وَٱلأرْضِ أَنتَ وَلِىّ فِى ٱلدُّنُيَا وَٱلآخِرَةِ تَوَفَّنِى مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِى بِٱلصَّـٰلِحِين َ
انظروا ـ أيها الإخوة ـ إلى دعاء يوسف عليه السلام في أواخر هذه الآيات، فهو بعد أن أثنى على الله سبحانه وتعالى، بأنه قد آتاه من الملك وعلمه من تأويل الأحاديث، لم يطلب عليه الصلاة والسلام، إلا ما يتمناه كل مسلم صادق مخلص أن يموت على الإسلام ويلحق بالركب الصالح، توفني مسلماً وألحقني بالصالحين.
أيها المسلمون، نبي من أنبياء الله عز وجل، الجنة مضمونة له، ومع ذلك يقول: أَنتَ وَلِىّ فِى ٱلدُّنُيَا وَٱلآخِرَةِ تَوَفَّنِى مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِى بِٱلصَّـٰلِحِين َ.
وماذا يريد الإنسان من هذه الدنيا، وما قيمة الدنيا لو قبض الإنسان على غير ملة الإسلام أو ختم له بخاتمة سوء، نسأل الله السلامة والعافية، فهو في الآخرة من الخاسرين، فإن الأعمال بالخواتيم كما يقول عليه الصلاة والسلام.
أيها الإخوة، في القصة أيضاً، لنا درس في التسامح والعفو عند المقدرة، العفو عمن أساء إليك، ومقابلته بالإحسان، فيوسف عليه السلام عندما آلت الأمور إليه، كان باستطاعته أن ينتقم من إخوانه، الذين كادوا له في أول الأمر،ولكن سمو نفسه، وكرم عنصره، وترفعه عن الانتقام، واحتساب الأجر عند الله عز وجل، جعله يأبى أن ينزلق إلى هذا المنـزلق، الذي ينغمس فيه عادة الأشخاص العاديون. فعندما اعترف إخوانه بخطئهم بقولهم: تَٱللَّهِ لَقَدْ اثَرَكَ ٱللَّهُ عَلَيْنَا وَإِن كُنَّا لَخَـٰطِئِينَأجابهم يوسف عليه السلام بهذا الجواب المفعم بالعطف الأخوي، والمسامحة قائلاً: لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ ٱلْيَوْمَ يَغْفِرُ ٱللَّهُ لَكُمْفهل نستفيد من هذه القصة، ونخرج ـ أيها الإخوة ـ بروح التسامح والمغفرة، والعفو عن الناس، الذي يسيؤون إلينا. بعض الناس هداهم الله، حتى زوجته التي معه لا تسلم منه، لو زلت أو أخطأت ولو خطأً يسيراً، لكال الصاع صاعين، لا يمكن له أن يتنازل عن حقه، ولو بقدر أُنْمُلة، لا يمكن أن يعفو.
فنقول لمن هذه حاله، أنه سيقف يوماً ما، بين يدي مولاه، يكون محتاجاً أن يعفو الله عنه، ويتجاوز له عن سيئاته وتقصيره، من منا لم يخطئ ولا يخطئ، من منا لا يمضي عليه يوم ولا ليلة، إلا وحصل منه تقصير في حق الله عز وجل.
فكم نحن بحاجة إلى عفو الله عز وجل، كم نحن في حاجة أن يسامحنا ربنا، ولا يفضحنا على رؤوس الأشهاد، فحري بنا أيها الإخوة، في المقابل، أن نتجاوز نحن عن زلات الآخرين تجاهنا، لنلقى ذلك عند الله عز وجل: يَوْمَ لاَ يَنفَعُ مَالٌ وَلاَ بَنُونَ إِلاَّ مَنْ أَتَى ٱللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ
وصلوا وسلموا...





 توقيع : ناصرعبدالرحمن

رد مع اقتباس
#13 (permalink)  
قديم 16-10-2009, 10:58 PM
ابو طارق
:: أستشاري المجالس ::
ابو طارق غير متواجد حالياً
Saudi Arabia     Male
لوني المفضل Blueviolet
 رقم العضوية : 2147
 تاريخ التسجيل : 12-01-2008
 فترة الأقامة : 6014 يوم
 أخر زيارة : 02-04-2014 (08:32 PM)
 المشاركات : 15,231 [ + ]
 التقييم : 198321
 معدل التقييم : ابو طارق عضو الماسي ابو طارق عضو الماسي ابو طارق عضو الماسي ابو طارق عضو الماسي ابو طارق عضو الماسي ابو طارق عضو الماسي ابو طارق عضو الماسي ابو طارق عضو الماسي ابو طارق عضو الماسي ابو طارق عضو الماسي ابو طارق عضو الماسي
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي رد: حديقة الزهور (قطف فوائد من خطب الجمعه)



جزاك الله خيرا

بارك الله فيك ...ونفع بك




رد مع اقتباس
#14 (permalink)  
قديم 13-11-2009, 04:23 PM
ناصرعبدالرحمن
.:: مراقب ::.
ناصرعبدالرحمن غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 787
 تاريخ التسجيل : 17-04-2007
 فترة الأقامة : 6284 يوم
 أخر زيارة : 06-10-2012 (01:31 PM)
 العمر : 45
 المشاركات : 2,069 [ + ]
 التقييم : 39340
 معدل التقييم : ناصرعبدالرحمن عضو الماسي ناصرعبدالرحمن عضو الماسي ناصرعبدالرحمن عضو الماسي ناصرعبدالرحمن عضو الماسي ناصرعبدالرحمن عضو الماسي ناصرعبدالرحمن عضو الماسي ناصرعبدالرحمن عضو الماسي ناصرعبدالرحمن عضو الماسي ناصرعبدالرحمن عضو الماسي ناصرعبدالرحمن عضو الماسي ناصرعبدالرحمن عضو الماسي
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي رد: حديقة الزهور (قطف فوائد من خطب الجمعه)



الخطبة الأولى
أيها الناس، إنه وفي مثل هذه الأيام من كل عام فإن قلوب كثيرٍ من المسلمين لا تفتَأ تذكُرُ بلدا من البلدان في أرض الله، إنَّ كثيرا من أهل الإيمان في مثل هذه الأيام لَتَسرحُ أفئدتهم وعقولهم لبلدةٍ ليست ككل البلاد، فهي كانت أرضا قاحلة ليس فيها الماء ولا الشجر، بوادٍ غير ذي زرع، ومع ذلك فإن قلوبًا تكاد تطير شوقا إلى السفر إليها ولو أن يبيع كل ما يملك.
هي ـ أيها الكرام ـ ليست بلاد فسق وفساد، ولا بلاد سياحة لحسن طبيعتها وروعة جمالها، كلاَّ، ولكنها تحمل شيئا أكبر من ذلك كلِّه، وإنه وبمجرد أن يُذكَر اسمها صاحبُ الثلاثة أحرف إلا ويزداد أُنسُ القلوب المؤمنة وتبتهج أساريرها؛ مكة، إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إبراهيم وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً
فما هذا البيت يا ترى؟ وما سِرُّ تعلق المسلمين به؟
ذلكم هو بيت الله العتيق الذي رفع قواعده إبراهيم خليل الرحمن وابنه إسماعيل عليهما السلام. أثرٌ خالد، وبناء شامخ، ورمزٌ للحنيفية السمحة، وما برح هذا الصرح يطاول الزمان، شامخ البنيان، ثابت الأركان، في منعة من الله وأمان.
جاء إبراهيم عليه السلام بهاجر وبابنها إسماعيل وهي ترضعه، حتى وضعها عند دوحةٍ بين جبال ، وليس بمكة يومئذ أحد، فوضعهما، ووضع عندهما جِرابًا فيه تمرٌ وسِقاء فيه ماء، ثم قفَّى إبراهيم عليه السلام. مضى منطلقًا، فتبعته أم إسماعيل بقلب واجفٍ قلق، فقالت: أين تذهب يا إبراهيم؟! أين تذهب؟! أتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه إنسٌ ولا شيء؟! ولا زالت تُكَرِّرُ عليه ذلك مرارًا، وجعل لا يلتفت إليها، فقالت له بعد ذلك: آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم، قالت وبلسان الواثق بالله المتوكلة على الله: إذًا لا يضيعنا.
ما أعظمه من توكل! وما أصدقه من لجوء على الحي القيوم! لا ماء ولا طعام، ولا أخ ولا أب حميم، أرضٌ قيعان، وجبال وهوام، فمن يؤنسها إذا غاب الأمان، ومن يؤمِّنها إذا احلولك عليها الظلام؟! كل هذه الصعاب وغيرها ذابت كما يذوب الملح في الماء عند أمر الله، استجابة ما أروعها! وانقيادٌ ما أسرعه! وتوكل وامتثال ما أصدقه!
جلست هذه المرأة المؤمنة هي وابنها الرضيع، جلست هذه المرأة الضعيفة في ذلك الوادي الموحش، فتارةً هدوءٌ سيُقلقها، وتارة غبار وترابٌ ، وتارةً ظلام الليل سيلفها. وأمَّا إبراهيم عليه السلام فقد كان يمشي خطوات ثقيلة، يصارع معها ألم الفراق ومعاناة ذلك الابتلاء العظيم، فما أعظمه أيضًا من صبر وتوكل مع إيمان راسخ كالجبال يحمله هذا النبي عليه السلام! إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا للهِ حَنِيفًا وَلَمْ يكُ مِنَ المُشْرِكِينَ.
مضى إبراهيم عليه السلام وقد خلَّفَ وراءه قرّة عينه وفلذة كبده في العراء، حتى إذا كان عند الثنية حيث لا يرونه وقف عليه السلام بعيدا عنهم، يقف وقوف الأب الحاني، ويستقبل بوجهه البيت متضرعًا إلى ربه ويناجيه، رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنْ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنْ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ
ذكر ابن كثير عن ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير وغيرهم: لو قال: (أفئدةَ الناس) لازدحم عليه فارس والروم والنصارى والناس كلهم، ولكن قال: مِنَ النَّاسِفاختص المسلمون.
ثم ذهب إبراهيم عليه السلام في طريقه، وبعد ذلك جعلت أم إسماعيل تُرضِعُ ولدها وتَشرَبُ من ذلك الماء، حتى إذا نفد ما في السِّقاء عَطِشت وعَطِشَ ابنها، وجعلت تنظر إليه يتلوى ، فانطلقت في ذلك الوادي وهي لا تلوي على شيء، ولكن كراهية أن تنظر إلى ابنها، فقامت على الصفا ثم استقبلت الوادي تنظُرُ؛ هل ترى من أحدًا، فلم ترَ أحدًا، ثم أتت المروة فقامت عليها ونظرت هل ترى أحدًا فلم تر أحدًا، ففعلت ذلك سبع مرات، قال ابن عباس: قال النبي : ((فلذلك سعى الناس بينهما)). فلمَّا أشرفت على المروة سمعت صوتا، فقالت: صه، ثم تسمَّعت، فسمِعَت أيضًا، فإذا هي بالملك عند موقع زمزم، فبحث بعقبه وقيل: بطرف جناحه حتى ظهر الماء، فجعلت تخوضه بيدها، فشربت وارتوت وأرضعت ولدها، فقال لها الملك: لا تخافي الضيعة، فإنّ هذا بيت الله، يبنيه هذا الغلام وأبوه، وإن الله لا يُضَيِّعُ أهله.
أيها المسلمون، عباد الله، يا من تستعجلون النصر والفرج، ها هي هاجر تحكي لنا أُنموذجًا فريدًا من نماذج الصبر وانتظار الفرج وانقشاع ألم الهمِّ والحَزَن، وهي تتعرض للمحنة، وتنتظر الفرج من ربِّ السماء، فجاءها الفرج، بدءًا بتفجُّرِ ماء زمزم، ليكون إيذانًا ببدء حياة جميلة لهذه البقعة المباركة، في هذه الأرض الموات، بوادٍ غير ذي زرع، ثم بعد ذلك إذا بأفئدة الناس تتهاوى إليها من كل فجّ عميق، فإن مع العسر يسرا، إن مع العسر يسرا، وصار إسماعيلُ الرضيعُ أمة كبيرة العدَد عظيمة الغناء، ومن نسله صاحب الرسالة العظمى حبيبنا ونبينا محمد صلوات ربي وسلامه عليه.
وتمر الأيام، فيأمُرُ الله إبراهيم عليه السلام أن يرفع قواعد هذا البيت، فيقومُ إبراهيم ببنائه هو وابنه إسماعيل وهما يقولان: رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ.
فاستجاب الله دعاء أبي الأنبياء، فهوت القلوب إلى هذا البيت، وَرَزَقَ الله أهله من الثمرات ما كفاهم وأفاض على مَن سِواهم، وظل هذا البيت العتيق شامخا على مر الأزمان والدهور والأحقاب، وعناية الله لا تزال تحفظ لهذا البيت حُرمته وتحيطه بالإجلال والإكبار، ولا تزال قِصة الفيل شاهدةً على حُرمة هذا البيت العظيم، ودليلاً على أنَّ من استعزَّ بغير الله ذَلّ ومن لجأ إلى غير الله ضَلّ.
ثم تتوالى الأيام والسنون إلى أن يأتي زمن خاتم الأنبياء وسيد المرسلين ، وهو بين أهله وقومه، فيحمل الحجر الأسودَ بيديه الكريمتين ليضعه في موضعه، فيقضي بذلك نزاعا وفتنة كادت تنشبُ بين بطون قريش.
إخوة الإيمان، وبعد بعثته واشتداد أذى قريشٍ عليه أُذِنَ له بالهجرة إلى المدينة لتكون فاتحة الأمل وبارقة النصر،
وبعد حياة طويلة ومريرة ملؤها الجهاد والصبر والتربية والتضحية يُتِمُّ الله لنبيه أمنيته برجوعه إلى بلده مكة، فيعود إلى بيت الله ليُطَهِّرهُ مما عَلُقَ به عبر مر السنين من رجس الأوثان وطاعة الشيطان، وليكون الدين كلُّه لله حنيفًا، مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمْ الْمُسْلِمينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا
فاستجاب الله بعد هذا كله لدعوة الخليل إبراهيم عليه السلام، ولبَّى دعوته، وآتاه مطلبه، فقال: أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا[
فلنتأمل ـ أيها الإخوة الأكارم ـ إلى عظمة بيت الله الحرام وأهميته في قلوب المسلمين، حتى بقي في ظل الإسلام المتين شامخا عزيزا، يقصده كلُّ مسلمٍ دخل في الإسلام، ملبين ومستجيبين ومذعنين للأذان الأول: وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ فيأتونه موحدين لا يشركون به شيئًا، فدين الإسلام دين التوحيد والعقيدة، وبيت الله بني لأجل التوحيد فحسب، بارك الله لي ولكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم ونفعي وغياكم بهدي خير المرسلين.

الخطبة الثانية
أما بعد: فاتقوا الله معاشر المسلمين، ـ إخوة الإيمان ـ أنكم قاب قوسين أو أدنى من دخول العشر الأول من شهر ذي الحجة، وهي أيامٌ مباركات، أن النبي قال عنها:((ما من أيام هي أفضل العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام)) يعني عشر ذي الحجة، فقالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟! قال: ((ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشيء)). وقد ذهب جمهور أهل العلم إلى أن عشر ذي الحجة هي المقصودة في قول الباري جل شأنه: وَالفَجْرِ وَلَيَالٍ عَشْرٍ
إخوة الإيمان، إن الأعمال في هذه العشر تتنوع ما بين صوم وصدقة وتوبة نصوح وإكثار من التحميد والتهليل، ، يقول المصطفى : ((ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهنَّ من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهنَّ من التهليل والتكبير والتحميد)) رواه أحمد.
فلنحرص على الإكثار من ذكر الله فيها بالتكبير في الطرقات والمساجد والبُيوت، وهو التكبير المطلق، والذي من صفاته: الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر، ولله الحمد. وهكذا جاء عند البخاري أنَّ أبا هريرة وابن عمر رضي الله عنهما كانا ينزلان إلى السوق، فيكبران ويكبر الناس بتكبيرهما.
وقد ثبت أن النبي كان يصوم تسع ذي الحجة ويوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر. فلا حرج أن يُصام منها ما يُستطاع إن لم يكن كلّها، وبالأخص يوم عرفة، لما له من الأجر العظيم، كما جاء عند مسلم من حديث أبي قتادة رضي الله عنه قال: سُئل النبي عن صوم يوم عرفة، قال: ((يكفر السنة الماضية والباقية)).كما أن السنة قد دلت ـ يا رعاكم الله ـ على أن من أراد أن يضحي وقد دخلت عليه العشر فلا يأخذ من شعره أو أظفاره أو بشرته شيئًا حتى يضحي،
عباد الله، صِلوا الأرحام، وأحسنوا إلى الوالدين والإخوان في هذه الأيام، وأكثروا من الصدقات والإحسان إلى الفقراء، وعمّروا لياليها بطلب علم أو قيام ليل تكونوا من الفائزين بإذن الله...




رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


تعليمات المشاركة
تستطيع إضافة مواضيع جديدة
تستطيع الرد على المواضيع
تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة
Trackbacks are متاحة
Pingbacks are متاحة
Refbacks are متاحة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أنواع الزهور ومعانيها ابو طارق لُغَة الصور .. والكاريكاتير الساخِر 11 29-01-2010 04:38 PM
الزهور-- وأجمل ما قيل فيها محمد السهلي احتواء ما لا يحتوى 6 29-10-2009 10:07 PM
هل لـ (رجــــــــب) فضل على غيره من الشهور؟ محمد روحانيات 24 12-07-2009 10:57 PM
إلى محبات الزهور محمد الاثاث والديكورات 8 10-07-2009 11:25 PM
فتيات في عمر الزهور ولكن ؟ متفائله روحانيات 9 21-03-2009 09:08 PM


الساعة الآن 03:52 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.7, Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
- arab-line : SEO by vBSEO 3.3.0 TranZ By Almuhajir
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

HêĽм √ 3.1 BY: ! ωαнαм ! © 2010

... جميع الحقوق محفوظه لمجالس رويضة العرض لكل العرب ...

.. جميع المشاركات المكتوبة تعبّر عن وجهة نظر صاحبها ...ولا تعبّر بأي شكل من الأشكال عن وجهة نظر المنتدى..

a.d - i.s.s.w