الـــــ فــــــــ رمــضـــان ـــي ـــــصدقــــــة أخي الحبيب : الصدقة سر من أسرار رمضان بالذات ، وقد كان صلى الله عليه وسلم أجود الناس ، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة ، وأهل العلم رحمهم الله تعالى على أن الطاعات تعظم في الأزمان الفاضلة ، والصدقة في هذه العشر من ميراث الصالحين ، لقد كان صلى الله عليه وسلم جواداً كريماً في كل حياته ، وكان في رمضان صورة أكثر جوداً وعطاءً ، وهكذا كان السلف الصالح رحمهم الله تعالى في أزمان الطاعة . إن بإمكانك أخي الصائم أن تجعل لعشرك بعض نفحات البر والإحسان إلى الأرامل والمساكين ، والفقراء والأيتام ، وأنت تعلم أن للصدقة تأثيراً كبيراً في دفع البلاء عن المؤمن ، وتعلم أن المتصدق في ظل صدقته يوم القيامه ، وتعلم أن ممن يظله الله تعالى بظله يوم القيامة متصدق تصدّق بصدقته فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما أنفقت يمينه . والصدقة وإن كانت يسيرة إلا أنها بين يدي الله تعالى عظيمة ، فلا تبخل بشيء من العطاء وقد بلغك أن الملك يدعو صباح كل يوم بقوله : اللهم أعط منفقاً خلفاً ، ولا تنسى رعاك الله تعالى في هذا المقام أن تفطير الصائمين فرصة خاصة في هذا الشهر وقد قال نبيك صلى الله عليه وسلم : من فطّر صائماً كان له مثل أجره ، ومثل ذلك في الأجر وأعظم فكاك الأسير بدينه ، وإغاثة المنكوبين ، وإطعام الأيتام ، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته . واعلم أن الابتسامة صدقة من الصدقات ، ومثلها الرحمة بالآخرين ، والعفو عنهم ، والصفح عن أصحاب الزلات ، وقد غفر الله تعالى لامرأة زانية بغي بسبب سقيها لكلب وقد أرهقه العطش ، فقال الغزالي رحمه الله تعالى : لئن كانت الرحمة بالبهائم تغفر ذنوب البغايا فإن الرحمة بالبشر تصنع العجائب . واعلم أن أولى الصدقات بك في هذا المقام نبذ الفرقة ، وترك الخصام ، فإن الواقع فيها في مثل هذا العشر قد يكون محروماً من آثار هذه الفضائل . إن مثلك لا يخفى عليه أن ليلة القدر رُفع علمها عن الأمة بسبب الشجار والخصام ، وأي حرمان أيها الحبيب لرجل في عشره الأخيرة من رمضان وهو لا زال يكابر في هذه الفضائل ، ويقع فريسة لعدو الله تعالى ، ويصر على هجر إخوانه حتى في مواسم الطاعات ؟ ولئن كانت أعمال العباد تُعرض على الله تعالى كل اثنين وخميس فإن أعمال المتخاصمين يحرمها النزاع ثمرتها ، ويكتب عليها الشقاق آثار الجرمان . |