| |||||||||||
لماذا رجاء الصانع الاستفتاء الذي أجرته (إيلاف) عن أهم شخصيات العام المنصرم جاءت نتائجه بمؤشرات جديدة ومفاجئة، لا يمكن للباحث الجاد، والراصد للمتغيرات على المستوى الاجتماعي والثقافي بالذات إلا أن يتوقف عندها متسائلاً لماذا؟ (رجاء الصانع) القاصة السعودية، والصغيرة السن والتجربة، جاءت في المرتبة الأولى كأهم شخصية ثقافية لهذا العام، متجاوزة كثيراً من (الفحول)، في مجتمع ذكوري حتى النخاع، يرى في (الفحولة) قيمة ورفعة وتفوق، ويرى في الأنوثة دونية حتى القاع! ... أعرف أن كثيراً من القراء سيعتقدون أن الأمر لا يخلو من (لعبة) تدخلت فيها يد (الفبركة) لتلعب بمؤشرات الاستفتاء، وأن هذه النتائج جاءت لتخدم نتائج تم تقريرها سلفاً. غير أن الحقيقة، وصدقوني فيما أقول، هي تماماً كما نشرت! أما الحقيقة الأخرى، وهي الأهم في رأيي هنا، والتي تؤكدها مؤشرات الاستفتاء، أن المرأة العربية، والسعودية على وجه التحديد، ستكون – بلا شك- فرس رهان المستقبل التي ستشق مثار نقع الخيول المتبارية، وستقتحم المقدمة، وتقود خيل السباق، فارضة نفسها ومنطقها وقيمها وقيمتها وآلامها وآمالها على الجميع. رواية (بنات الرياض) التي صنعت من (رجاء) نجمة ثقافية متألقة في السماء العربية كانت (حدثاً) صاخباً أكثر مما كانت عملاً أدبياً متميزاً. أهميتها وقيمتها الحقيقية أنها تحدثت عمّا لا يجب أن تتحدث عنه، وكشفت جوانبَ مسكوتاً عنها في مجتمع محافظ، كان مجرد أن تتحدث عنه من الداخل، وعن مجريات أسراره ، يُعتبر مخاطرة كبرى لأي إنسان، فكيف إذا كان هذا الإنسان امرأة، وسعودية أيضاً!.. بنات الرياض كانت لمن يعرف المجتمع السعودي على حقيقته، و(النجدي) منه على وجه الخصوص، ليست مساساً بالخطوط الحمراء فحسب، وإنما نسفاً لهذه الخطوط ، وكشفاً جميلاً ومعبراً وجريئاً، وبلغة تتراقص في عباراتها، وتُجسّد في سبكها وجمالياتها حقيقة مجتمع يدّعي في الظاهر المثالية والفضيلة حسب القياسات والمعايير (السلفية)، بينما هو من الداخل كأي مجتمع إنساني آخر، حيث كل ما هو (معلن) يجري انتهاكه وكسره من وراء الجدران، وتحت شعار (من ستر مسلماً ستره الله في الدنيا (الآخرة)؛ ففي هذه المجتمعات، وطالما أن هذا الانتهاك للثوابت والأخلاقيات المعلنة يجري في جنح الظلام، وبعيداً عن أعين الناس، فانتهك ولا حرج! الرواية تتحدث عن أربع بنات سعوديات، يعشن في الرياض، عاصمة السعودية، وأكثر مناطقها محافظة، واهتماماً (إلى درجة التقديس) بالعادات والتقاليد الموروثة . ولكل واحدة من البنات الأربع بطلات الرواية، تجربة حياتية تختلف وتتفق مع الأخرى. الاختلاف كأي اختلاف وتباين بين بني البشر، أما (الاتفاق) فهو أن (البنت) التي تعيش في الرياض، وفي المجتمعات (المخملية) على وجه الخصوص، لا تختلف في حياتها وفي مجونها و صبواتها و تجاوزاتها، وفي عقلها وفي جنونها، عن أي بنت أخرى تعيش في أي مجتمع آخر منفتح على الآخر. البنت السعودية، و(المعزولة) نظرياً عن الرجال، عندما يُسدل الليلُ ستاره، تمارس (شبابها) بكل حرية وجرأة وتجاوز، وتجد خلف الأبواب الموصدة بإحكام ألف طريقة وطريقة لتتسلل إلى حياة نيويورك ولندن وباريس ومناخاتها وطقوسها، فتستبدل العباءة والنقاب الأسود الكئيب ببنطال الجينز والتي شيرت وآخر صيحات الموضة التي تتزين بها بنات جنسها في شوارع ميلانو، وكؤوسَ الويسكي والفودكا والجن والنبيذ الفاخر بدلاً من أباريق الشاي و (دلّة) القهوة المعطرة بحبات الهال، ويتجاوز (الاختلاط) ليس الحد المسموح به في هذا المجتمع المحافظ فحسب، وإنما كل الحدود، ولك أن تتخيل من هذه الحدود ما يسمح لك به خيالك!. جمال وأهمية (الفضح) هنا أنه جاء على لسان إحدى بنات الدار التي اقتحمت بجرأة الجدران السميكة، وعبر شبكة (الإنترنت) نفذت (رجاء) إلى الفضاء الواسع من خلال (رسائل) كانت ترسلها على شكل يوميات في البداية إلى زملاء لها على الشبكة إلى إحدى المجموعات، وأغرتها – فيما بعد - متابعة الناس لها، وتصفيقهم لهذه الرسائل – كما تقول - على أن تتحول هذه الإنتهاكات الجريئة، والمكتظة جمالاً وعذوبة و(دلع) بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، إلى (رواية) أخذت بيد (رجاء الصانع) بعد صدورها إلى آفاق النجومية والتألق تحت عنوان (بنات الرياض)، وأخيراً ليحتفل بها القراء كأهم شخصية ثقافية لعام 2006 م حسب استفتاء إيلاف. أهم ما تحمله رواية رجاء الصانع أنها اقتحمت المحذور، وكشفت (المغطـّـا)، وعَرّت المجتمع المحافظ ليس أمام الخارج فحسب، وإنما أمام كثير من السعوديين أيضاً. كما وصفها أحد النقاد الموضوعيين. وأخيراً هذه أرقام الاستفتاء تتحدث بنفسها عن أن (الأنوثة) النجدية التي كانت يوماً ما (وديعة) كأرنب ناصع البياض، يستسلم لقدره بكل إذعان مهما كان تبعات هذا القدر، تحولت أخيراً، أو حولتها التنمية، والثقافة، والتعليم، والتماحك والتواصل الحضاري والثقافي مع الآخر، إلى دور (القبطان) في سفينة كانت قيادتها تقليدياً حكراً على (طوال الشوارب)، فقدمت رجاء، فجأة، وبلا شوارب هذه المرة، ودون أية مقدمات، ليس لتقول للرجل (هيت لك) كما كانت تقول امرأة العزيز ليوسف عليه السلام، وإنما : (دع القيادة للنساء واستمتع أنت بالرحلة)! المصدر : أيــلاف
|
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|
المواضيع المتشابهه | ||||
الموضوع | كاتب الموضوع | المنتدى | مشاركات | آخر مشاركة |
الأمير محمد بن ناصر : ألف ريال أسبوعياً لكل رب أسرة وألف أخرى للزوجة و200 ريال لكل طف | سلطان نجد | احتواء ما لا يحتوى | 4 | 13-11-2009 03:26 PM |
:: ..لا .. لماذا..اذن .. :: | الكايد | احتواء ما لا يحتوى | 16 | 13-07-2008 09:57 PM |
قصة وقصيدة للمثل الشائع زلقت حبة الشمري | الرسام | حكايات من الوجد | 10 | 30-01-2008 10:19 PM |
اعتماد 3000 ريال لمعلمي محو الأمية و1000 ريال مكافأة شهرية لطلابها | تركي عفيش | رسالة العلم والتعليم | 17 | 26-12-2007 08:58 AM |
ميزانية الدولة :الإيرادات 621.5 مليار ريال والمصروفات 443 مليار ريال | تركي عفيش | احتواء ما لا يحتوى | 8 | 17-12-2007 01:01 AM |