| |||||||||||
ذاكِرة مُنهكة ::الفصل الأول:: زاوية شاغرة بها ومنضدة يتكأ عليها ورق ومحبرة مقعد وجسد باهت شعرها منسدل بفوضى على الأكتاف جميلة الملامح بوجه كـ قمر في أُبهة الليل بذات العين التي كانت تستنطق الفرح من أقصى قرونه هنا وفي هذه اللحظة تنستنطقُ الدمعُ بكل طقوسه ومن كل ثنايا محاجره! لتدوّنه في أوراقها المركونة.. ترى أي وجع أتقن النقش على جذوع بهجتها؟ وأي يد تمادت في اطلاق نفسها للامام ..فإقتصت البسمة من على ثغر لحظاتها؟ الذاكرة تهرب بها للخلف.. أصوات مذعورة.. وقدمان حافيتان ... جليد في أطرافها.. وثوب ممزق.. شيء ما كان يمتد ظله وأمامه هي تركض وتركض تتعثر بشيء ما فتصحو.. جبينها مبتل وقلبها الصغير يخفقُ بشدة.. وجفاف يسكن أحشائها.. مدت يدها المرتعشة لكأس الماء بجانبها.. تناولت قطرات بسيطة منه.. واستندت على وسادتها.. وخزة عميقة في وريدها.. نهضت (أمل)بجسمها الدقيق في تقاطيعه..متثاقل ة تمشي بكسل.. أخذت طريقها لخزانة ملابسها.. ثوب زهري وعباءة سوداء وشال .. يتشكلون بأناقة فاتنة على جسدها الممشوق وقدها الناعم... السواد حين يتوسطه وجهها القمري يُبرز ملامحها بانوثة لا متناهية.. كما هو بجماله الرباني وهالة النور الساطعة في أعلاه.. وعينان بلون ظلمة الليل .. يغرقان العيون حولها في تساؤل عن منبعُ هذا الطهر.. أما هو فقد هام بها لذاك البياض الذي يسكنها.. فجمالها لم يكن في كمال جسدها الذي تنطق خلاياه بإنوثتها ولا في عينيها الآسرة.. بل شيء ما في روحها.. خرجت من بوابة منزلها الفخمة بعد أن قبّلت رأس والدتها وجدتها الحنون.. شعرت بما اعترى الجدة من قلق عليها حين سألتها ما بك صغيرتي..لونكِ شاحب وتبدين نحيلة؟ تمتمت: -لا شيء جدتي اطمئني ..انها فقط آثار السهر للمذاكرة.. وابتسمت حتى تبدد قلق الجدة ومضت.. حين تورات قالت الجدة حال (أمل ) يبعثُ بالقلق لأيام قليلة مضت لمست على وجهها الصغير آثار خوف وشيء ما.. لا أعرف ما هو.. وجهها اليوم يشبه ذاته بذاك اليوم ؟! أتمنى أن يكون خيراً فردت الأم: وماذا يمكن أن يكون..أني ألاحظ ما تلاحظيه يا أماه.. أنها ذكرى رحيله ..تقترب كثيراً.. تمتمت الجدة: -يا قلبي عليكِ صغيرتي...ليت الذاكرة شيء يمكننا استئصاله... فكم أكره تلاعبها بأوجاع تلك الصغيرة.. نزلت من السيارة.. وهاهي تأخذ طريقها لقاعة المحاضرات في آخر الروّاق... هدوء غريب ومقاعد جانبية خالية.. إنه هو بابتسامته المشرقة ونظرته المسافرة في روحها... يستطيع بعينيه أن يقتحم كل أجزائها فيعرفُ بيقين كيف هي! يتبع... للمارين هنا
|
مواقع النشر (المفضلة) |
|
|