23-10-2009, 09:19 PM
|
|
رد: اللواء الدكتور علي بن سعود السهلي (رمز الرويضة بعلمه وتواضعه) الصفحة الرئيسية الأخبار شكاوى من طول مدة التوقيف الانفرادي وتفاؤل بنقل التحقيقات الجنائية لهيئة الادعاء  الدمام: منى الشهري القضاء من أجلّ الوظائف وأسماها.. غايته إقامة العدل بين الناس، وإظهار الحق وإعلاء شأنه، ودفع الظلم وإبطال الباطل.
وتُعدّ مرحلة "التحقيقات الجنائية" التي تسبق إحالة القضية ـ أي قضية ـ إلى القضاء من أهم المراحل التي يعتمد عليها القاضي في تحديد سير الدعوى ومصير المتهم بين البراءة والإدانة. والمحقق الجنائي الماهر يجتهد في الوصول إلى الحقيقة مؤيدة بالأدلة القوية، والقرائن الواضحة.
بعض المختصين يجزمون بأن مرحلة التحقيق تؤثر بنسبة 80% في الأحكام القضائية، وأن كفاءة المحقق تلعب دورا مهما في تيسير عملية "البت" في تلك الأحكام.
حقيقة أخرى مهمة هي أن مؤسسات الدولة المختلفة تتعاون في سبيل توفير الثقافة الواسعة، والتدريب الجيد، لدعم مهارة المحققين الجنائيين، والنهوض برسالتهم، خاصة بعد انتقال مهام التحقيق من مراكز الشرطة إلى هيئة التحقيق والادعاء العام.
ولا يُقلل من شأن الإنجازات حديث البعض عمّا يُسميه "تجاوزات" تحدث في أثناء عملية التحقيق.
فإلى أي مدى يمكننا القول إن تطورا قد طرأ على أداء المحققين في الفترة الأخيرة؟ وما هي ضمانات حُسن الأداء، وتميزه، وانضباطه؟
وما مدى صحة ما يذهب إليه البعض من حدوث "تجاوزات" خلال بعض التحقيقات؟ وهل هناك إجراءات محددة يلزم اتباعها لمنعها؟ أو تلافي آثارها؟
الخبراء والمختصون يبادرون بتأكيد أن تدريبا مستمرا بالداخل والخارج ودورات متخصصة على مدار العام يتم تنظيمها، لتطوير مهارات المحققين وتلافي الأخطاء.
ويؤكدون تفاؤلهم بأن التحقيق الجنائي سوف يصبح أكثر كفاءة بعد انتقال مهامه لهيئة التحقيق والادعاء العام.
ويشيرون إلى أهمية إخضاع أعمال المحققين الجنائيين لرقابة المحكمة الجزائية وإشرافها، لضمان سلامة أدائهم، وتميزه. ويُشددون على ضرورة رعاية جميع حقوق المتهمين وحماية حرياتهم الشخصية.
في التحقيق التالي نتعرف على المزيد من أفكار ومقترحات هؤلاء الخبراء والمختصين حول تجربة المحققين الجنائيين، وسُبل تطوير عملهم، والنهوض برسالتهم، ومنع حدوث أية "تجاوزات" خلال التحقيق.
في البداية يصف العميد الدكتور سعد بن ظفيّر العسيري الأستاذ بكلية الملك فهد الأمنية أداء المحققين الجنائيين في المملكة حالياً بقوله: "لا بأس به، وإن كنا نطمع في المزيد".. ويشير إلى وجود كفاءات عالية بينهم.
ويلفت إلى أن التحقيق انتقل من مراكز الشرطة إلى هيئة التحقيق والادعاء العام. أما ضباط الشرطة فأصبحوا رجال ضبط جنائي مهمّتهم الأساسية إجراءات الاستدلال التي تسبق التحقيق.
ويؤكد أن هناك مؤهلات مطلوبة حالياً في المحقق الجنائي، حسب أنظمة المملكة والمادة الأولى من لائحة أعضاء هيئة التحقيق والادعاء العام الصادرة بقرار مجلس الوزراء رقم 140 في 13/8/1409.
ويضيف أن تلك المؤهلات تتضمن حصول المحقق على درجة البكالوريوس الجامعية في تخصص الشريعة، أو الأنظمة من إحدى جامعات المملكة، أو شهادات تعادل هذين التخصصين، مشيرا إلى أنه يشترط في حالة "المعادلة" أن ينجح في امتحان خاص يتم عقده لهذا الغرض.
ويُوضّح أنه يُشترط أن يكون المحقق سعودي الجنسية، وحسن السيرة والسلوك، ومتمتعا بالأهلية اللازمة، وألا يقلّ عمره عن 22 عاما، وأن يكون لائقا للخدمة.
كما يُشترط ألاّ يكون قد حُكِم عليه بحدّ أو تعزير في جرم مخل بالشرف والأمانة، أو صدر بحقه قرار تأديبي بالفصل من وظيفة عامة، ولو كان قد رُدّ إليه اعتباره، وأن يَجتاز بنجاح الاختبار الذي يُعقَد لغرض التعيين.
تطوير المهارات
ويلفت العسيري إلى أن الخبرة التي يُفترض توفرها لدى من يمارس التحقيق تكتسب بالممارسة والتثقيف، مشيرا إلى أن العاملين في التحقيق الجنائي في هيئة التحقيق والادعاء العام يُصنّفون على درجات تبدأ بملازم تحقيق.
ويضيف أن تطوير مهارات المحققين تكون بحسن الاختيار أولا، ثم العمل على تدريبهم وتثقيفهم، ومتابعة أعمالهم وتقويمها باستمرار، وتحفيزهم ماديا ومعنويا، ومحاسبة المقصر.
ويؤكد أنه لضمان حسن الأداء وتميزه وانضباطه يجب إخضاع المحققين الجنائيين لرقابة وإشراف المحكمة الجزائية.
ويتوقف أمام ما يسميه البعض "تجاوزات" تحدث من قبل بعض المحققين أثناء التحقيق، مؤكدا أن المحققين بشر يصيبون ويخطئون، والذي يعمل لا بد أن يخطئ، وعند تعمّد الخطأ يصبح الأمر جريمة يُعاقب عليها.
ويلفت إلى أن نظام الإجراءات الجزائية وضع ضوابط لالتزام المحققين بالحدود المتاحة لهم دون تجاوز، لضمان عدم المساس بحرية الناس في التنقل، أو الاعتداء على حرماتهم في أشخاصهم، ومنازلهم، ومنع التعدي على الحياة الخاصة إلا عند الضرورة وبضوابط دقيقة.
نتائج إيجابية
أما اللواء الدكتور علي بن سعود السهلي مساعد مدير الأمن العام لشؤون الأمن في وزارة الداخلية فيؤكد أن شرطة المناطق لا تزال تمارس أعمال التحقيق حتى يكتمل استلام هيئة التحقيق والادعاء العام مهام التحقيق في جميع مناطق المملكة.
ويشير إلى أن مهمة ضباط الشرطة حالياً تتمثل في سماع الأقوال، وضبط الجناة، وجمع الأقوال والاستدلال، ثم إحالة القضية إلى هيئة التحقيق، والادعاء العام.
ويقول: إن ضباط الشرطة لا تقل شهاداتهم عن درجة البكالوريوس، مشيراً إلى أنه يتم بذل الكثير في سبيل تطوير قدراتهم وتدريبهم وهم على رأس العمل، وإلحاقهم بدورات في التحقيق الجنائي، وهي دورات متقدمة لا تقل عن عام كامل، مثل الدبلوم في التحقيق الجنائي.
ويلفت إلى أن عددا كبيرا بينهم مِن حملة الماجستير والدكتوراه في تخصصاتهم، ويتم إلحاقهم بدورات متخصصة في الضبط الجنائي، وعلوم الحاسب الآلي، والأدلة الجنائية، داخل وخارج المملكة .
دورات تخصصية
يشدد اللواء السهلي على أن أي عمل بشري لا يُستبعد منه الخطأ، فالذي يعمل يكون معرضا دائما للخطأ، بينما الذي لا يعمل هو الذي لا يخطيء، موضحاً أنه لضمان تلافي الأخطاء لا يتم زجّ المتخرج حديثاً في خضم العمل الأمني الماس بالحرية والحقوق.
ويقول: لابد من اجتيازه عدة دورات تخصصية، ثم تدريبه لفترة مناسبة حسب تخصصه، وبإشراف مباشر مع من سبقه من ذوي الخبرة الطويلة.
ويضيف أن أعمال المحقق تخضع بشكل يومي لإشراف من رئيس التحقيق ومدير المركز بالشرطة، موضحا أن نسبة الخطأ قليلة جدا مقارنة بالكم الهائل من الخدمات الأمنية. ويشير إلى أنه تتم مكافأة المجتهد، ومحاسبة المخطئ.
يؤكد أن الإدارة المختصة بالأمن العام تقوم بالتنسيق مع الجهات التعليمية في الأمن العام والجامعات، لعقد الدورات التدريبية على مدار العام لضمان التدريب المستمر، وعقد ورش العمل والملتقيات، وتلمّس القصور بهدف تطوير هذه الأعمال وتلافي الأخطاء مستقبلاً.
زيادة الكفاءة
أما العميد حسن الخيري بشرطة منطقة عسير فيرى أن التحقيق الجنائي سيصبح أكثر كفاءة بعد انتقال مهامه لهيئة التحقيق والادعاء العام.
ويلفت إلى أن غالبية المحققين في مراكز الشرطة ضباط، أما مساعدو التحقيق فقد تقل مؤهلاتهم.
ويوضح أن هناك قاعدة تحقيقية تقول "لم يعد الاعتراف سيد الأدلة" لأن الاعتراف قد يكون كاذبا، أو صدر من شخص يعاني من حالة نفسية، أو انتزع بالقوة، لربط المتهم بالجريمة.
ويؤكد أنه يمكن الاستعانة بالحمض النووي، مشيرا إلى أن الاعتماد على البصمات قد لا يجدي أحياناً لتأثرها بالعوامل الخارجية.
مهارة المحقق
القاضي في وزارة العدل يوسف الفراج يجزم بأن التحقيق الجنائي يؤثر بنسبة 80% على الأحكام القضائية، أما نسبة 20% الباقية فهي من مسؤولية القاضي، وتدخل ضمن الظروف المشددة والمخففة التي تقتضي تقدير القاضي لحالة المتهم.
ويقول: إن حصول القاضي على البينة يسهل عليه النطق بالحكم، مشيراً إلى أنه إذا كانت البينة ضعيفة أو مشكوكا فيها فإنه يصعب على القاضي أن يحكم في القضية بل قد يتجه إلى تبرئة المتهم حتى وإن كان مجرما.
ويتوقف أمام قضية مهمة، مؤكدا أن عدم كفاءة المحقق، ونقص المهارة لديه في جمع الأدلة والبيّنات يؤدي إلى عدم تقديم المحقق تقريراً مناسباً للمدعي العام وبالتالي التسبّب في تضييع العدالة.
ويلفت إلى أن عدم تناسب الأحكام القضائية أحياناً مع حجم الجرائم يعود إلى عدم توفر البينة للقاضي حتى وإن كان يعلم يقيناً أن المتهم مجرم، موضحا أن جزءا كبيرا منها يقع على المحققين الذي لم يجمعوا الأدلة بالشكل المطلوب.
ويضيف أن بعض المحققين يعانون من إشكالية الاعتماد على انتزاع الاعتراف من المتهم على اعتبار أن الاعتراف يعتبر حجة قوية يمكن إصدار الحكم مباشرة بناء عليه. ويرى أن الاعتماد على اعتراف المتهم بدون جمع الأدلة دليل على ضعف المحقق.
شكاوى المتهمين
المحامي والمستشار القانوني عدنان الصالح يؤكد أن غالبية شكاوى المتهمين من عمليات التحقيق تتركز في التوقيف الانفرادي للمتهم من قبل المحقق مدة كبيرة لا تتطلبها إجراءات التحقيق.
ويضيف أن الشكاوى تشمل أيضا الضغط على المتهمين أثناء الاستجواب، لحملهم على الاعتراف بالتهمة الموجهة إليهم، أو الاعتراف على أشخاص آخرين لم يشملهم الضبط، والإيعاز إلى بعض المتهمين بإخلاء سبيلهم، والإفراج عنهم إذا اعترفوا بالتهمة الموجهة إليهم.
ويشير إلى أن هناك تجاوزات تحدث من جانب بعض المحققين تشتمل على تخطّيهم مدد التوقيف التي نص عليها نظام الإجراءات الجزائية لعدم إلمام بعضهم به، وكذلك عدم إلمام البعض بالصلاحيات التي أعطاها له نظام الإجراءات الجزائية المتعلقة بحالات الإفراج الوجوبي والجوازي، وحالات حفظ التحقيق.
ويجزم الصالح بأن للمتهم حقوقا في المرحلة التي تسبق المحاكمة تتضمن حقه في الدفاع عن نفسه بنفي التهمة، وتفنيد الأدلة والشبهات القائمة ضده، وحقه في ألا يوقع عليه أي لون من ألوان التعذيب أو الإكراه البدني أو المعنوي، أو المعاملة المهينة للكرامة طبقاً للمادة الثانية من نظام الإجراءات الجزائية السعودي.
سرية التحقيق
ويضيف الصالح أن للمتهم الحق في الاستعانة بوكيل أو محام للحضور معه والدفاع عنه في مرحلة التحقيق وليس للمحقق أن يعزله عن وكيله أو محاميه الحاضر معه أثناء التحقيق وهذا ما نصت عليه المواد 4 و64 و69 و70 من نظام الإجراءات الجزائية.
ويقول: إن للموقوف الحق في الاتصال بذويه سواء بالهاتف أو أي طريقة مناسبة بإذن من المحقق، كما أن نأنللموقوف أيضاً الحق في إبلاغه بالتهمة الموجهة إليه وتمكينه من الاطلاع على أوراق القضية، وكذلك الحق في الاستعانة بمترجم إذا كان لا يجيد اللغة العربية، أو كان أصم أو أبكم.
ويشدد على أنه من حق المتهم المحافظة على سرية التحقيق، وله الحق أيضاً في طلب ندب خبير لفحص الأدلة الفنية، كما أن له الحق في الاعتراض على الخبير إذا ظهرت أسباب قوية تدعو إلى ذلك، وله الحق في إخلاء سبيله وحفظ التحقيق في حالة ضعف الأدلة ضده، وكذلك حقه في الإفراج عنه وجوباً إذا مضى على توقيفه 6 أشهر دون أن يحال إلى المحكمة.
حماية الحريات
ويجزم الصالح بأن للمتهم الحق في أن يقدم في أي وقت لمأمور السجن أو دار التوقيف شكوى كتابية أو شفهية، ويطلب تبليغها إلى عضو هيئة التحقيق والادعاء العام، وعلى المأمور قبولها وتبليغها في الحال بعد إثباتها، وتزويده بما يثبت تسلمها.
ويصف الصالح التحقيق الابتدائي في الدعوى الجنائية بأنه "ذو أهمية كبيرة" تتمثل في التنقيب عن الأدلة قبل الإحالة للمحاكمة، فيستبعد الضعيف منها، وبالتالي تنظر المحكمة في الدعوى وقد اتضحت عناصرها، وتكشفت أدلتها.
ويوضح أن إحالة دعاوى واهية أو قليلة الأهمية إلى القضاء يعد إهداراً لوقت القاضي وجهده، الأمر الذي قد يؤثر على قدرته في نظر الدعاوى الأخرى، ومن ثم تراكمها مما يضير سير العدالة.
ويطالب الصالح بضرورة دراسة إيجاد وظيفة "قاضي التوقيف والحريات" في المحاكم السعودية، ليتولى تدريجياً الإشراف القضائي على بعض إجراءات التحقيق التي تتخذها الهيئة، وأهمها قرار التوقيف الاحتياطي، حيث إن هذه القرارات ـ قبل إحالة المتهم إلى القضاء ـ هي من اختصاص الهيئة (من المحقق مروراً برئيس الفرع ثم رئيس هيئة التحقيق).
ويشير إلى أن هذه القرارات محددة بمدة أو مدد متعاقبة قد تصل في مجموعها إلى 6 أشهر، ويرى أنه من الأجدر أن تتركز سلطة الهيئة في إصدار أوامر التوقيف للساعات الـ48 بدءا من ساعة القبض، بحيث يكون طلب تمديد التوقيف الاحتياطي بعد انقضائها بيد قاضي التوقيف والحريات ليقوم بتقدير ما يحمله ملف التحقيق، وسماع أقوال المتهم أو شكواه، والتحقق منها، مع مراقبة تقدير المحقق لمدى كفاية الأدلة على ارتكاب المتهم جريمة من الجرائم التي يجوز فيها التوقيف الاحتياطي.
== جريدة الوطن ==
|