جلَسَتْ على قَبْرِهِ محتَدّةً مضطربةَ الأنفاس
منثورةَ الشَّعْرِ
مُتداخلاً مكياجها في بعضه
وقد أصابها شيءٌ من الجنون يلازمها حينا ويتركها حينا
تحمل صورته بيديها
وتخاطب الموت على قبره
.
.
ألموت والجنون
.
.
.
يُحَيِّرُني سُكونُكَ وانْفِعالي
وَيُدْهِشُني بُرودُكَ وانْشِغالي
.
وَلَمْ أَرَ بَعْدُ ناراً تحتَ رَمْلٍ
وماءً يَسْتَقِرُّ على الرِّمالِ
.
وَلَمْ أَرَ بَعْدُ شيئاً في حياتي
أَشَدّ على النساءِ مِنَ الرِّجالِ
.
هِيَ الدنيا وأنْتَ على خُطوطٍ
تَساوَتْ في الجوابِ وفي السؤالِ
.
أقولُ إذا لَمَحْتُكُما سَوِيّاً
تلاقى السُّمُّ بالمَرَضِ العُضالِ
.
*
.
وَثَبْتَ عَلَيْهِ دونَ أسىً وخوفٍ
كَما تَثِبُ الذِّئابُ على الغَزالِ
.
وَفُزْتَ بِهِ طَرِيَّ العودِ حُلْواً
بَهِيَّ اللّحْظِ مُكْتَمِلَ الجَمالِ
.
وهاأنذا أتَيْتُكَ في وُلوعٍ
وَقَدْ شُدّتْ إلى اللقيا رِحالي
.
*
.
أَعِدْهُ إِلَيَّ أوْ خُذْني إليْهِ
فإنّي قَدْ تَعِبْتُ مِنَ اشْتِعالي
.
ولا تَعْبَثْ بِما أَبْقَيْتَ مِنّي
ولا تَصْمُتْ لِتَخْتَبِرَ احْتِمالي
.
أَتَيْتُكَ والإلهُ على يَميني
وَشيْطاني الرَّجيمُ على شمالي
.
*
.
فإنْ تُطِلِ السُّكوتَ تُطِلْ فُضولي
وَإنْ تُطِلِ الكَلامَ تُطِلْ جِدالي
.
أنا مِنْ رِقَّةٍ خُلِقَتْ طِباعي
وَكُوِّنَتِ الحرائِقُ مِنْ خِصالي
.
وَبي مِنْ هذهِ في كُلِّ شيْءٍ
وَبي مِنْ ضِدِّها في كُلِّ حالِ
.
فإنّي حينَ تُغْضِبُني فَجَمْرٌ
أُحَرِّقُني وَأَحْرِقُ مابدا لي
.
وَأجعلُ مِنْ نسيمِ الأرضِ ريحاً
إذا ألقيْتُ فوق الأرض شالي
.
وأجعلُ أثقلَ الأشياءِ تَبْدو
أخفّ مِنَ النسيمِ على الجِبالِ
.
*
.
فَخـذ عنـي وأخبـره بأنّـي
أُفَتِّشُ في الزّوالِ على زَوالي
.
وأنّي لسْتُ إلاّ دَمْعَ عَيْنٍ
خُلِقْتُ ... وَإنّما لِلإنْهِمالِ
.
*
.
وأنّي بي مِنَ الأشواقِ فَيْضٌ
تساقَطَ في اليمينِ وفي الشمالِ
.
كَأنّي فاضَ بي حتّى أراني
أخافُ مِنَ المَسيرِ على ظِلالي
.
*
*
*
.
فَوا أَسفي على زَمَنٍ ظَلومٍ
يشاءُ لِيَ البَقاء على ارْتِحالي
.
وَيا حُزْني يُفارِقُني حبيبٌ
فَلا أَلْقاهُ إلاّ في خَيالي
.
.
تَمُرُّ يَداهُ .. مِنْ جَسَدي .. إلَيْهِ
وَيحضنني فيَنْفِذُ مِنْ خِلالي
.
.
*****
*****
*****
.
.
غَفَتْ على القبر
فَسَقَطَتِ الصورة
.
.