عرض مشاركة واحدة
#6 (permalink)  
قديم 20-09-2007, 11:36 PM
محمد
ابو رنيم
إدارة الموقعـ
محمد غير متواجد حالياً
Saudi Arabia     Male
SMS ~ [ + ]
هـــــــــــلا وغـــــــــلا


قدمت أهلاً ووطأت سهلاً نرحب بكم بباقة زهور

يسعدني أن أرحب بكم أجمل ترحيب

متمنياً لكم طيب الإقامة مع المتعة والفائدة

وننتظر منكم الجديد والمفيد


اخوكم محمد
لوني المفضل Blue
 رقم العضوية : 1
 تاريخ التسجيل : 17-11-2006
 فترة الأقامة : 6442 يوم
 أخر زيارة : 25-10-2019 (11:21 PM)
 الإقامة : رويضة الاحباب
 المشاركات : 1,885 [ + ]
 التقييم : 176397
 معدل التقييم : محمد عضو الماسي محمد عضو الماسي محمد عضو الماسي محمد عضو الماسي محمد عضو الماسي محمد عضو الماسي محمد عضو الماسي محمد عضو الماسي محمد عضو الماسي محمد عضو الماسي محمد عضو الماسي
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي رد: مسابقة أصحابي كالنجوم / ربيعة بن كعب / (08)



:180635az0tjyzk mo:




*¤©§( ربيعة بن كعب صاحب الهمة العالية )§©¤*

ربيعة بن كعب هو رجل بسيط ، كان يرعى الغنم في بادئ أمره ،

همته وأعلى طموحاته شاة يقودها ، ومرعى خصبا ترعى فيه ،

كان يقيم في بني أسلم بالقرب من المدينة النبوية مع والديه .



~*¤©§( إسلامه )§©¤*~

سمع ربيعة بن كعب رضي الله عنه هو وغيره بقدوم رسول الله صلى الله

عليه وسلم للمدينة ، وسمع عن صدقه وأمانته ، و حب أصحابه له ، فما كان

منه إلا أن ترك غنيماته وذهب ليرى هذا الرجل الذي سمع عنه .

وهناك في المدينة النبوية كانت النقلة الكبرى التي قدرها الله تعالى لهذا الرجل ،

كانت النقلة التي غيرت كعب رضي الله عنه ، قدم المدينة ورأى الرسول

صلى الله عليه وسلم وآمن به وشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله .

ثم عاد راعي الغنم بعد ذلك إلى أهله ، عاد ولكنه لم يعد ، نعم لقد عاد بجسده

ولم يعد بفكره ومشاعره لقد كان جسده في بني أسلم وقلبه في المدينة النبوية ،

هذه المشاعر الإيمانية قادته رضي الله عنه للعودة للمدينة ، فبعد وقت غير

طويل من اللقاء الأول مع رسول الله صلى الله عليه وسلم استأذن رضي الله

عنه والديه ليسكن المدينة قرب الرسول صلى الله عليه وسلم .

فوصل المدينة ، وقابله النبي صلى الله عليه وسلم بالبشر الذي قابله به

أول مرة ، وعرفه النبي صلى الله عليه وسلم فزاد فرح كعب رضي الله عنه ،

ولكن فقره وقلة ما في يده جعله مع أهل الصفة.



~*¤©§( خدمته للنبي )§©¤*~

ثم جاءت النقلة الأخرى لهذا الصحابي الجليل رضي الله عنه إنها النقلة الحقيقية ،

فلقد قاده حبه للنبي صلى الله عليه وسلم لطلب عظيم لقد طلب أن يكون خادما

للنبي صلى الله عليه وسلم ، فذو الهمة العالية رضي الله عنه كان خادما ،

لكنه خادما لأعظم من وطأت رجله الثرى ، لأعظم البشر ، ولقد تشرف جمع

من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم بخدمته .

لقد قادتهم تلك الخدمة المباركة للقرب من النبي صلى الله عليه وسلم ومعرفة

جملة من أحواله وأخلاقه وسننه ، لقد انتفعوا رضي الله عنهم من النبي علما

جما ، و يحكي ربيعة رضي الله عنه ذلك قائلا :

( كنت فتى حديث السن لما أشرقت نفسي بالإيمان ، وامتلأ فؤادي بمعاني

الإسلام ، ولما اكتحلت عيناي بمرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أول

مرة أحببته حبا ملأ علي كل جارحة من جوارحي ، وأولعت به ولعا صرفني

عن كل ما عداه ، فقلت في نفسي ذات يوم :

ويحك يا ربيعة لم لا تجرد نفسك لخدمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟

اعرض نفسك عليه فإن رضي بك سعدت بقربه وفزت بحبه وحظيت بخيري

الدنيا والآخرة .

ثم ما لبثت أن عرضت نفسي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورجوت أن

يقبلني في خدمته فلم يخيب رجائي ، ورضي بي أن أكون خادما له ، فصرت منذ

ذلك فصرت من ذلك اليوم ألزم للنبي الكريم من ظله ، أسير معه أينما سار ، وأدور

في فلكه كيفما دار ، فما رام بطرفه مرة نحوي إلا مثلت واقفا بين يديه ، وما تشوف

النبي عليه الصلاة والسلام لحاجة من حاجاته إلا وجدني مسرعا في قضائها ، وكنت

أخدمه نهاره كله ، فإذا انقضى النهار وصلى العشاء الآخرة ، وأوى إلى بيته ،

أهم بالانصراف ، لكني ما ألبث أن أقول في نفسي :

إلى أين تمضي يا ربيعة ؟

هل لك مكان أجمل من هذا المكان ؟

أو موقف أشرف من هذا الموقف ؟ إلى أين تمضي ؟

فلعلها تعرض للنبي عليه الصلاة والسلام حاجة في الليل فأجلس على بابه ،

ولا أتحول عن عتبة بيته .



~*¤©§( همة تناطح الجبال )§©¤*~

قال ربيعة بن كعب رضي الله عنه :

( أحب النبي أن يجازيني على خدمتي له ، فأقبل علي ذات يوم ، وقال :

" يا ربيعة بن كعب "

قلت : لبيك يا رسول الله ، وسعديك

قال : " سلني شيئا أعطِه لك أنت خدمتنا ، اطلب مني حاجة "

فترويت قليلا ، ثم قلت :

أمهلني يا رسول الله لأنظر فيما أطلبه منك ، ثم أعلمك

فقال عليه الصلاة والسلام : " لا بأس عليك "

وكنت يومئذ شابا فقيرا لا أهل لي ولا مال ولا سكن ، وإنما كنت آوي إلى

صفة المسجد ، وكان الناس يدعوننا بضيوف الإسلام ، فإذا أتى أحد المسلمين

بصدقة إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعث بها كلها إلينا ، لأن النبي صلى الله

عليه وسلم لا يأكل الصدقة أبدا ،أما الهدية فيأكل منها ، ويهدي بعضها ، فحدثتني

نفسي أن أطلب من النبي صلى الله عليه وسلم من خير الدنيا ، يزوجني ، وأطلب

بيتا ، وأغتني به من فقر ، وأغدو كالآخرين ذا مال وزوج وولد ، لكني ما لبثت

أن قلت :

تبا لك يا ربيعة بن كعب ، إن الدنيا زائلة فانية ، وإن لك فيها رزقا كفله الله عزوجل ،

فلا بد أن يأتيك ، والنبي صلى الله عليه وسلم له منزلة عند ربه ، فلا يرد معها طلب ،

فاطلب منه أن يسأل الله لك من فضل الآخرة ، الدنيا لا قيمة لها ، فطابت نفسي بذلك ،

واستراحت له ، ثم جئت النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال لي :

" ما تقول يا ربيعة ؟ "

قلت : يا رسول الله أسألك أن تدعو لي الله سبحانه وتعالى أن يجعلني رفيقا لك

في الجنة

فقال صلى الله عليه وسلم : " من أوصاك بذلك ؟ "

قلت : لا ، والله ما أوصاني به أحد ، ولكنك حينما قلت لي :

سلني أعطك ، حدثتني نفسي أن أسألك شيئا من خير الدنيا ، ثم ما لبثت أن هديت

إلى إيثار الباقية على الفانية ، فسألتك أن تدعو الله لي أن أكون رفيقك في الجنة ،

فصمت النبي صلى الله عليه وسلم طويلا ، ثم قال :

" أَو غير ذلك يا ربيعة ؟ "

قلت : لا يا رسول الله ، فما أعدل بما سألتك شيئا ، ما أريد إلا الذي سألتك .

فصمت رسول الله طويلا ثم قال لي :

" إني فاعل فأعني على نفسك بكثرة السجود " )

الله أكبر .. إن الهمم لتصغر أمام هذه الهمة الرفيعة لم يرد ربيعة بن كعب الأسلمي

رضي الله عنه الجنة فحسب ..

بل أراد أعلى منزلة فيها لقد أراد رضي الله عنه مرافقة النبي صلى الله عليه وسلم

لقد أراد رضي الله عنه شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم

لقد أراد رضي الله عنه العتق من النار .

إنها همة تناطح الجبال وعزيمة تريد أن تصل إلى المنال .



~*¤©§( زواجه )§©¤*~

بقي ربيعة رضي الله عنه ملازما للنبي صلى الله عليه وسلم لايريد أن يشغله

أحد عن هذا الشرف العظيم ، حتى أنه رضي الله عنه لم يفكر أن يتزوج لنفس

هذا السبب ، لكن رسول الله فطن لهذا الأمر واهتم له ، ودعونا نستمع إلى قصة

زواج ربيعة رضي الله عنه كما يرويها :

( لم يمض على ذلك وقت طويل حتى ناداني رسول الله عليه وسلم

و قال : " يا ربيعة ، ألا تتزوج ؟ "

قلت : لا أحب أن يشغلني شيء عن خدمتك يا رسول الله ، ثم إنه ليس لي ما أمهر

به الزوجة .

فسكت صلى الله عليه وسلم ثم رآني ثانية ، فقال :

" يا ربيعة ألا تتزوج "

فأجبته بمثل ما قلت له في المرة السابقة ، لكني ما إن خلوت إلى نفسي حتى ندمت

على ما كان مني ، وقلت :

ويحك يا ربيعة ، فو الله إن النبي لأعلم منك يا ربيعة بما هو أصلح لك في دينك

ودنياك ، وأَعرف منك بما عندك ، والله لأن دعاني النبي صلى الله عليه وسلم بعد

هذه المرة للزواج لأجيبنه ، ثم لم يمض على ذلك طويل وقت حتى قال لي النبي

صلى الله عليه وسلم : " يا ربيعة ، ألا تتزوج "

للمرة الثالثة ، قلت :

بلى يا رسول الله ، أريد أن أتزوج ، ولكن من يزوجني وأنا كما تعلم ؟

فقال :

" انطلق إلى آل فلان ، وقل لهم : إن رسول الله يأمركم أن تزوجوني فتاتكم فلانة "

فأتيتهم على استحياء ، فهل من المعقول أن يزوجوني وأنا لا أملك شيئا ؟

وقلت لهم :

إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلني إليكم لتزوجوني فتاتكم فلانة .

قالوا : فلانة !

ويبدو أنها على مستوى رفيع جدا ، قلت :

نعم على استحياء

قالوا : مرحبا برسول الله ، ومرحبا برسول رسول الله ، والله لا يرجع رسولُ

رسول الله إلا بحاجته ، وعقدوا لي عليها ، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم ،

قلت له : يا رسول الله ، لقد جئت من عند خير بيت ، وزوجوني ، وعقدوا لي

على ابنتهم ، فمِن أين آتيهم بالمهر يا رسول الله ؟

فاستدعى النبي صلى الله عليه وسلم بريدة بن الحصيب ، وكان سيدا من سادات

بني أسلم ، وقال له : " يا بريدة اجمع لربيعة وزن نواة ذهبا "

فجمعوها لي ، فقال لي صلى الله عليه وسلم :

" اذهب بهذا إليهم ، وقل لهم : هذا صداق ابنتكم "

فأتيتهم ودفعته لهم ، فقبلوه ، ورضوا به ، وقالوا : كثير طيب .

فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم ، وقلت :

ما رأيت قوما قط أكرم منهم ، فلقد رضوا ما أعطيتهم على قلته ،

وقالوا : كثير طيب ، فمن أين ما أولم به ؟

فقال النبي صلى الله عليه وسلم لبريدة : " اجمعوا لربيعة ثمن كبش "

فابتاعوا لي كبشا عظيما سمينا ، فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم :

"اذهب إلى عائشة ، وقل لها أن تدفع لك ما عندها من الشعير "

فأتيتها فقالت :

( إليك المكتل ، ففيه سبعة آصع ، لا والله ما عندنا طعام غيره )

فمن عند رسول الله الشعير ، ومن بريدة الكبش والمهر .

فانطلقت بالكبش والشعير إلى أهل زوجتي ، فقالوا :

أما الشعير فنحن نعده ، وأما الكبش فأمر أصحابك أن يعدوه لك ، فأخذت الكبش

أنا وأناس من أسلم وذبحناه ، وسلخناه ، وطبخناه ، فأصبح عندنا خبز ولحم ،

فأولمت ، ودعوت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأجاب دعوتي ، ثم صلى

الله عليه وسلم منحني أرضا إلى جانب أرض أبي بكر ، فدخلت علي الدنيا ،

أرض وزوجة ووليمة ومهر )



~*¤©§( دروس وعبر من قصة زواجه )§©¤*~

o حرص النبي صلى الله عليه وسلم على أصحابه وتلمس احتياجاتهم ، ومامنعت

النبي صلى الله عليه وسلم مكانته عند ربه اهتمامه بخدمه والفقراء من أصحابه

رضي الله عنهم ، وفي هذا ضرب من التواضع بديع ، وتعليم للأمة على اهتمام

المسؤول برعيته .

o محبة ربيعة رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم ، وهكذا كان ديدن الصحابة

رضي الله عنهم ، فلم يرد رضي الله عنه أن يشغله أحد عن هذه المحبة وتلك الملازمة .

o تبين من القصة أيضا رجاحة عقل ربيعة رضي الله وتفكيره الصائب.

o وفي فعل الأنصار رضي الله عنهم وإكرامهم لربيعة وسمعهم لرسول الله صلى

الله عليه وسلم منقبة عظيمة ، تضاف إلى مناقبهم رضي الله عنهم .

o ثم من فوائد قصة زواج ربيعة رضي الله عنه مثلت القصة صورة من تكامل المجتمع

المسلم وتعاونه أريتم كيف جمعوا له المهر والوليمة ، اجتمعوا وكانوا متمثلين للتشبيه

الذي أراده النبي صلى الله عليه وسلم بالبنيان المرصوص ، أيها المسلمون إن علاقة

المسلم بأخيه المسلم متينة قوية يشاركه في أفراحه وأتراحه ، إذا استشعرنا تلك المعاني

في حياتنا ومعاملاتنا أوجدنا مجتمعا مثاليا متماسكا متعاونا .

o ثم أخيرا شرف هذا الزواج بدعوة الرسول الذي كان أول ساهم في هذا الزواج ،

الذي كان نتاجه فيما بعد ولدا لربيعة سماه فراسا .



~*¤©§( قصه عجيبة )§©¤*~

إن هذه القصة العجيبة التي نقلتها لنا كتب السنة تحمل في طياتها جملة من الدروس

والعبر ، وكيف سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبي بكر وربيعة رضي الله

عنهما وكيف جعلهما يتجاوزا هذه المرحلة ، وتبرز النفس الكبيرة للصديق رضي الله

عنه ، وتوقير ربيعة رضي الله عنه للصديق رضي الله عنه .

ويحكي ربيعة رضي الله عنه عن القصة قائلا :

( إني ذات مرة اختلفت مع أبي بكر رضي الله عنه على نخلة ، فقلت :

هي في أرضي

فقال : بل هي في أرضي

فنازعته ، فأسمعني كلمة ، فلما بدرت منه الكلمة ندم ، وقال :

يا ربيعة رُد علي بمثلها ، حتى يكون قصاصا ، فقلت :

لا والله ، لا أفعل ، فقال :

إذا آتي رسول الله ، وأشكو له امتناعك عن القصاص مني

وانطلق إلى النبي صلى الله عليه وسلم فمضيت في إثره ، فتبعني قومي بنو أسلم ،

وقالوا :

هو الذي بدأ بك ، ثم يسبقك إلى رسول الله فيشكوك

فالتفت إليهم ، وقلت لهم :

ويحكم أتدرون من هذا ، هذا الصديق ، وذو شيبة المسلمين ، ارجعوا قبل أن يلتفت

فيراكم ، فيظن إنما جئتم لتعينوني عليه ، فيأتي رسول الله فيغضب النبي لغضبه ،

ويغضب الله لغضبهما فيهلك ربيعة .

ثم أتى الصديق النبي صلى الله عليه وسلم وحدثه الحديث كما كان ، فرفع النبي

رأسه إلي وقال : " يا ربيعة مالَك وللصديق ؟ "

فقلت له : يا رسول الله أراد مني أن أقول له كما قال لي ، فلم أفعل .

فقال : " نعم ، لا تقل له كما قال لك ، و لكن قل :

غفر الله لأبي بكر "

فقلت : غفر الله لك يا أبا بكر

فمضى وعيناه تفيضان من الدمع وهو يقول :

جزاك الله عني خيرا يا ربيعة بن كعب ، جزاك الله عني خيرا يا ربيعة

بن كعب )

إن المحور الذي تدور عليه هذه القصة هو مادار بين الصحابيين الكريمين ونظرتهما

لذلك العذق الذي سبب اختلافا يسيرا بينهما ، ولقد بين ربيعة رضي الله عنه أن السبب

في انتاج هذا الأمر الإلتفات لهذه الدنيا وزهرتها ، وكأنه رضي الله عنه يقول لنا إن

حقيقة الدنيا لاتدع لمثل هذا الخلاف والنزاع ، كأنه يقول لنا لماذا الاختلاف والتنازع

والتقاطع بين الخلان والإخوان من أجل مال أو أرض أو ميراث ، كأنه يقول لنا إلى

متى تشغلنا هذه الدنيا عن أهدافنا السامية علاقاتنا فيما بيننا .

فلله درك ورضي الله عنك حين تعطي للأمة درسا في إنزال الناس منازلهم

لله درك ورضي الله عنك حين تعرف لأهل الفضل فضلهم

لله درك ورضي الله عنك حين توقر الصديق رضي الله عنه وتحترمه .



~*¤©§( وفاته )§©¤*~

عاد ربيعة رضي الله عنه إلى مسقط رأسه بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم فلم

يستطع أن يجلس في المدينة بعد مفارقته لحبيبه ، كان يتردد ويصلي في مسجدها

المبارك ، ويتذكر النبي صلى الله عليه وسلم ويبكي رضي الله عنه ويبكي من

حوله .

حتى جاء عام ثلاثة وستين للهجرة المسمى بعام الحرة وفي نهاية هذا العام توفي

ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه .


قصة مؤثرة ( دارت بين أبي بكر الصديق وربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنهما )




الأمة دائماً ماتحتاج إلى تدبر سير العظام منها ، وهل أعظم قدراً وأعلى مكاناً من أصحاب رسول الله ، لقد سطرت كتب

التاريخ والسنة صفحات خالدة لأولئك الرجال رضي الله عنهم وأرضاهم ،( وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ

وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ

الْعَظِيمُ) (التوبة:100) واليوم سنعطر هذا المجلس بقصة فيها كثير من العظات العبر، قصة حفظتها لنا كتب السنة ، أما

أطراف القصة فصحابيين فاضلين أولهما الصديق أبو بكر رضي الله عنه ، أفضل رجل بعد الرسل والأنبياء عليهم الصلاة

والسلام ، الخليفة الراشد الأول رضي الله عنه ، والثاني خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، الذي سأله مرافقته

في الجنة فقال له النبي إذن أفعل فأعني على نفسك بكثرة السجود ، ريبعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه ،

فإليكم القصة أولاً كما رواها أحد أطرافها ثم نقف معها بإذن الله وقفات فقد روى الإمام الحاكم في مستدركه وقال هذا

حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه عن ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه قوله (وأعطاني رسول الله

صلى الله عليه وسلم أرضاً وأعطى أبا بكر أرضاً فاختلفنا في عذق نخلة قال وجاءت الدنيا فقال أبو بكر هذه في حدي

فقلت لا بل هي في حدي قال فقال لي أبو بكر كلمة كرهتها وندم عليها قال فقال لي يا ربيعة قل لي مثل ما قلت لك

حتى تكون قصاصا قال فقلت لا والله ما أنا بقائل لك إلا خيرا قال والله لتقولن لي كما قلت لك حتى تكون قصاصا وإلا

استعديت عليك برسول الله صلى الله عليه وسلم قال فقلت لا والله ما أنا بقائل لك إلا خير قال فرفض أبو بكر الأرض

وأتى النبي صلى الله عليه وسلم جعلت أتلوه فقال أناس من أسلم يرحم الله أبا بكر هو الذي قال ما قال ويستعدي

عليك قال فقلت أتدرون من هذا هذا أبو بكر هذا ثاني اثنين هذا ذو شيبة المسلمين إياكم لا يلتفت فيراكم تنصروني

عليه فيغضب فيأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيغضب لغضبه فيغضب الله لغضبهما فيهلك ربيعة قال فرجعوا

عني وانطلقت أتلوه حتى أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقص عليه الذي كان قال فقال رسول الله صلى الله عليه

وسلم يا ربيعة ما لك والصديق قال فقلت مثل ما قال كان كذا وكذا فقال لي قل مثل ما قال لك فأبيت أن أقول له فقال

رسول الله صلى الله عليه وسلم أجل فلا تقل له مثل ما قال لك ولكن قل يغفر الله لك يا أبا بكر قال فولى أبو بكر الصديق رضي الله عنه وهو يبكي ) .

إن هذه القصة العجيبة التي نقلتها لنا كتب السنة تحمل في طياتها جملة من الدروس والعبر ، ولاأدري بأيها أبدأ ، هل

أبدأ برسول وكيف سمع من أبي بكر وربيعة رضي الله عنهما وكيف جعلهما يتجاوزا هذه المرحلة ، أم بالنفس الكبيرة

للصديق رضي الله عنه ، أم أتحدث عن ربيعة رضي الله عنه وتوقيره للصديق رضي الله عنه .

إن المحور الذي تدور عليه هذه القصة هو مادار بين الصحابيين الكريمين ونظرتهما لذلك العذق الذي سبب اختلافاً

يسيراً بينهما ، لقد قال ربيعة رضي الله عنه أن السبب في حدوث هذا الأمر

( وجاءت الدنيا ) يعني أن السبب الرئيس كان الإلتفات لهذه الدنيا وزهرتها ، وكأنه رضي الله عنه يقول لنا إن حقيقة

الدنيا وزخرفها لاتدع لمثل هذا الخلاف والنزاع ، كأنه يقول لنا لماذا الاختلاف والتنازع والتقاطع بين الخلان والإخوان من

أجل مال أو أرض أو ميراث ، كأنه يقول لنا إلى متى تشغلنا هذه الدنيا عن أهدافنا السامية .. عن علاقاتنا فيما بيننا ،

اسمعوا إلى ربنا سبحانه وتعالى يصف لنا هذه الدنيا (وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّيَاحُ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً) (الكهف:45)

ثم يلفت رضي الله عنه لفتة أخرى توجها رضي الله عنه بعدل مطلق حينما قال عن أبي بكر رضي الله عنه ( فقال لي أبو بكر كلمة كرهتها وندم ) ،

طلب أبو بكر رضي الله عنه من ربيعة رضي الله عنه أن يرد له تلك الكلمة ليقتص الصديق رضي الله عنه من نفسه ،

لم تمنعه مكانته من رسول الله ولا مكانته في الإسلام أن يحقر أحداً من المسلمين ولاأن يتعدى عليه حتى بلفظ

يسير – يقرر لنا الصديق رضي الله عنه بهذا الموقف العظيم مبدأ العدل والتواضع - وفي موقف كبير آخر مقابل لموقف

الصديق رضي الله عنه ونفس سامية للمتربي في مدرسة النبوة على صحابها أفضل الصلاة والسلام تسمو عن

مبدالة الكلمة المكروهة بمثلها ليقول ربيعة رضي الله عنه (لا والله ما أنا بقائل لك إلا خيراً ) وكأن ربيعة رضي الله عنه

مرة أخرى يذكرنا بحقيقة أخرى فكأنه يقول بادل السيئة بالحسنة وكأنه يقول لاتدع للشيطان مدخلاً عليك في تعاملك

مع إخوانك وخلانك ، وكأنه يقول لاتقل بلسانك إلا خيراً ، وكأنه يهمس في أذن من اتخذ من لسانه أداة للسب أو الشتم

أو السخرية أو الغيبة أو الكذب لاتفعل .. لاتفعل ... فهذا ليس من الخير في شيء ، ثم هو رضي الله عنه يذكرنا بخلق

آخر خلق فاضل ألا وهو خلق الحلم لم يرد رضي الله عنه على أبي بكر رضي الله عنه الكلمة بمثلها أو تجاوز ذلك –

حاشاه – رضي الله عنه ، أليس في ذلك عبرة لنا أن نضبط أنفسنا ، ومشاعرنا ، يؤسفني أن بعض المسلمين يرد

الكلمة بمثليها والجملة بأضعافها ، يستثيره أدنى أمر .. فتجده يزبد ويرعد .. يشتم ويلعن .. وينسى وصية حبيبه حينما أوصى صاحبه رضي الله عنه ( لاتغضب ) .

ثم إن أبا بكر رضي الله عنه وقد أثرت عليه الكلمة التي قالها ، عندما لم يلبي ربيعة رضي الله عنه طلبه ذهب إلى

النبي ليرشده في أمره – وفي هذا فائدة جليلة بالعودة إلى المرجعية التي تتمثل في رسول الله في هذه القصة -

وتبعه ربيعة رضي الله عنه وفي الطريق أراد قوم ربيعة رضي الله عنه أن يردوه عن إتباع أبي بكر رضي الله عنه

وكأنهم يقولون له أنك أنت المخطأ عليك ومعك الحق فلماذا تذهب خلفه ، وتأتي الإجابة الكبيرة في مبناها ومعناها من

ربيعة رضي الله عنه ( أتدرون من هذا هذا أبو بكر .. هذا ثاني اثنين هذا ذو شيبة المسلمين .. إياكم لا يلتفت فيراكم تنصروني عليه فيغضب فيأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيغضب لغضبه فيغضب الله لغضبهما فيهلك ربيعة )

إنه سمو في القول والفعل ... سمو في الأخلاق والتعامل .. سمو في الإحترام والتوقير .. فلله درك ورضي الله عنك

حين تعطي للأمة درساً في إنزال الناس منازلهم ، لله درك ورضي الله عنك حين تعرف لأهل الفضل فضلهم ، لله درك ورضي الله عنك حين توقر الصديق رضي الله عنه وتحترمه ..

لله درك ورضي الله عنك حين تضبط الأمور بميزان الشرع للعقل ، انظروا رضي الله عنه علم مكانة أبي بكر رضي الله

عنه من رسول الله خشي من غضبه لإنه سيترتب على ذلك غضب رسول الله ثم يترتب على ذلك غضب الله تعالى إنه

ميزان الشرع الذي وزن فيه الأمر الذي غاب عن قومه رضي الله عنهم حينما وزنوا الأمر بعاطفتهم المجردة ،

وفي هذا درس للأمة عظيم أن العاطفة التي لاتنضبط بضوابط الشرع تؤدي إلى نتائج لاتحمد عقباها ، أترون ماتمر به

بلادنا حرسها الله في هذه الأيام من ظهور الأفكار التي حركتها العاطفة الغير منضبطة بضوابط الشرع ، فعاثت في

الأرض فساداً تفجر وتدمر وتخرب وتكفر ، أيها المسلمون .. إن العلم الشرعي المبني على الأصول الصحيحة هو

السبيل الأوحد إلى سلامة الأمة ونصرها ، نحن أمة منهجنا واضح وأساسه واضح ، ومبناه واضح ، لايحركنا هوىً متبع أو عاطفة غير منضبطة أو حماس غير محسوب .

هذا مادار بين الصحابيين رضي الله عنهما قبل وصولهما إلى رسول الله ، أما ماكان بينهما عند رسول الله . فقد التقى

الصحابيان رضي الله عنهما أبو بكر الصديق وربيعة الأسلمي رضي الله عنهما عند رسول الله واستمع لهما ، هكذا

رسولنا مع أصحابه رضي الله عنهم يستمع إليهم ويجلس معهم يشاوره فيشير عليهم يسألوه فيجيبهم ، سمع كلا

الطرفين ولم يغفل طرفاً دون الآخر وفي هذا مضرب مثل لعدله ، وبعد أن استمع إليهما واتضح له الأمر أرشد ربيعة لما هو خير من رد الكلمة التي قال أبو بكر رضي الله عنه ، وأيده على عدم الرد بالمثل وقال له قل يغفر الله لك ياأبا بكر ) .

قالها ربيعة رضي الله عنه فأبت تلك النفس الكبيرة نفس أبي بكر رضي الله عنه التي تخشى الله وتتقه فسبقت عبراته عبارته وولى وهو يبكي رضي الله عنه وأرضاه .

يالله .. ماأجملها من قصة تختم بهذا الأدب الجم والخلق خلق العفو والتسامح ، ( فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ)(الشورى : من الآية40) .



مواطن ذُكر فيها ربيعة بن كعب :

أهمية الثبات على دين الله


إن الثبات -يا إخوان- يحتاج إلى مبادرة من الإنسان نفسه، لا تطلب الثبات من الآخرين وأنت مقصر؛ لأن الثبات خاص بك، وهو داخل في دائرة اختصاصك، واثبت إلى آخر لحظة، حتى لا تموت موتة حمار، انتبه أيها الإنسان! اثبت ثباتاً؛ لأن ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه -وهو صحابي جليل- بات ليلة عند باب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقدم له ماء في إناء صغير يقول: (ففتح النبي صلى الله عليه وسلم الباب فوجدني أستمع إلى ذكره وهو يتقلب في فراشه وهو يقول: لا إله إلا الله، قال: يا ربيعة، ماذا جاء بك؟ قلت: أتسمع إلى الأذكار التي تقولها، قال: سلني يا ربيعة) يقول: اطلب مني شيئاً، وكانت همم الصحابة في السماء يعيشون بعد هذه الدنيا، ولو أن رجلاً منا كان مكان ربيعة لقال للنبي: أعطني أرضية، أو سيارة، أو وظيفة، أو شيئاً من الدنيا .. (قال: يا رسول الله! دعني أفكر في الطلب، ففكر، ثم جاء فقال له: سلني يا ربيعة قال: أسألك مرافقتك في الجنة) الله أكبر! هذه الرحلة البعيدة، نحن في هذه الدنيا لا نفكر في هذه الأمور، ولكن هذا الصحابي نظرته بعيدة، فقال صلى الله عليه وسلم: (أو غير ذلك يا ربيعة ؟ قال: ما هو إلا ذاك، قال: فما حملك على هذا؟ قال: نظرت إلى الدنيا وسرعة زوالها وانقضائها، ونظرت إلى الآخرة وعظمتها وبقائها، فآثرت ما يبقى على ما يفنى، قال: يا ربيعة، أعني على نفسك بكثرة السجود) دعوة النبي صلى الله عليه وسلم لوحدها لا تكفي، لا بد من شيء من العبد نفسه، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: (أعني على نفسك بكثرة السجود) قال العلماء: أي الصلاة. فلماذا نص النبي صلى الله عليه وسلم على الصلاة فقط ولم يقل: أعني على نفسك بكثرة العبادة؟ قال العلماء: لأنها غالب عمل المؤمن، وإلا فإن مع الصلاة زكاة، ومع الزكاة صيام، ومع الصيام حج، ومع الحج بر، وكل الإسلام، لكن عبر النبي صلى الله عليه وسلم بالسجود وهو جزء من الصلاة؛ لأن غالب عمل المؤمن صلاة، فإنه يصلي في كل يوم خمس صلوات، ولا يصوم في السنة إلا مرة، ولا يزكي في العام إلا مرة، ولا يحج إلا في العمر مرة؛ لأن الصلاة هي لب أعمال الإسلام، وهي ركن الدين الأعظم، وهي عمود الإسلام، وهي قرة عين النبي صلى الله عليه وسلم، فنحن ندعو لأخينا ونقول: اللهم ثبتنا وإياه وجميع إخواننا المسلمين، وأيضاً ندعوه هو ونقول له: اثبت، ولكن كيف تثبت؟ ......


يقول ربيعة بن كعب الأسلمي رضي الله عنه : (كنت بواب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الليل فأخذت إداوة ووضعت فيها ماء أرقبه ليقوم فأقدمه له، فقام من الليل ففتح الباب وأنا عند الباب، فقلت: هذا الماء يا رسول الله! قال: من؟ قلت: ربيعة ، قال: سلني يا ربيعة ! قلت: أسألك مرافقتك في الجنة قال: أو غير ذلك؟ قلت: ما هو إلا ذلك، قال: أعني على نفسك بكثرة السجود).


الإكثار من السجود -يعني: الصلاة-


ورد في صحيح مسلم من حديث ربيعة بن كعب الأسلمي وقد كان خادماً للنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (بت ليلةً عند باب غرفته صلى الله عليه وسلم أنتظره بالوضوء يقول: فلما توضأ خرج فرآني، فقال: يا ربيعة سلني؟ قلت: أمهلني يا رسول الله! فجلس يفكر وبعد ذلك قال قلت: يا رسول الله! أسألك مرافقتك في الجنة) يقول: أريد أن أكون معك هناك، أما نحن الآن فهممنا محدودة في الدنيا وشهواتها وملذاتها. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (أو غير ذلك؟ -أي: تريد شيئاً آخر؟- قال: ما هو إلا ذاك، قال: أعني على نفسك بكثرة السجود) فدل الحديث على أن كثرة السجود -أي: كثرة الصلاة- سببٌ من أسباب دخول الجنة.




:180635az0tjyzk mo:



 توقيع : محمد

رد مع اقتباس