عرض مشاركة واحدة
#16 (permalink)  
قديم 13-09-2007, 10:38 PM
ابو قسورة
عضو مجالس الرويضة
ابو قسورة غير متواجد حالياً
لوني المفضل Cadetblue
 رقم العضوية : 1118
 تاريخ التسجيل : 01-09-2007
 فترة الأقامة : 6148 يوم
 أخر زيارة : 31-07-2011 (04:50 AM)
 المشاركات : 170 [ + ]
 التقييم : 251
 معدل التقييم : ابو قسورة رائع ابو قسورة رائع ابو قسورة رائع
بيانات اضافيه [ + ]
افتراضي رد: مسابقة أصحابي كالنجوم / عمير بن وهب الجمحي / (01)



جلس عمير يفكّر بعمق في سماحة هذا الدين، وفي عظمة هذا الرسول.. ثم تذكر بلاءه يوم بدر وقتاله.

وتذكر أيامه الخوالي في مكة وهو يكيد للإسلام ويحاربه قبل هجرة الرسول وصحبه إلى المدينة.

ثم هاهو ذا يجيء اليوم متوشحاً سيفه ليقتل به الرسول.

كل ذلك يمحوه في لحظة من الزمان قوله:" لا اله إلا الله، محمد رسول الله" ..!!

أيّة سماحة، وأي صفاء، وأية ثقة بالنفس يحملها هذا الدين العظيم..!!

أهكذا في لحظة يمحو الإسلام كل خطاياه السالفة، وينسى المسلمون كل جرائره وعداواته السابقة، ويفتحون له قلوبهم، ويأخذونه بالأحضان..؟!

أهكذا والسيف الذي جاء معقودا على شرّ طوية وشرّ جريمة، لا يزال يلمع أمام أبصارهم، ينسي ذلك كله، ولا يذكر الآن إلا أن عميراً بإسلامه، قد أصبح أحداً من المسلمين ومن أصحاب الرسول، له ما لهم.. وعليه ما عليهم..؟!!!

أهكذا وهو الذي ودّ عمر بن الخطاب منذ لحظتين أن يقتله، يصبح أحب إلى عمر من ولده وبنيه..؟؟؟!!!

إذا كانت لحظة واحدة من الصدق، تلك التي أعلن فيها عمر إسلامه، تحظى من الإسلام بكل هذا التقدير والتكريم والمثوبة والإجلال، فان الإسلام إذن لهو دين عظيم..!!

********

وفي لحظات عرف عمير واجبه تجاه هذا الدين.. أن يخدمه بقدر ما حاربه، وان يدعو إليه، بقدر ما دعا ضدّه.. وأن يري الله ورسوله ما يحب الله ورسوله من صدق، وجهاد وطاعة.. وهكذا أقبل على رسول الله ذات يوم، قائلا:

" يا رسول الله: اني كنت جاهدا على إطفاء نور الله، شديد الأذى لمن كان على دين الله عز وجل، واني أحب أن تأذن لي فأقدم مكة، فأدعوهم إلى الله تعالى، والى رسوله، والى الإسلام، لعلّ الله يهديهم، وإلا آذيتهم في
دينهم كما كنت أوذي أصحابك في دينهم"..

********

في تلك الأيام، ومنذ فارق عمير مكة متوجها إلى المدينة كان صفوان بن أمية الذي أغرى عميراً بالخروج لقتل الرسول، يمشي في شوارع مكة مختالا، ويغشي مجالسها وندواتها فرحا محبورا..!

وكلما سأله قومه وإخوته عن سر فرحته ونشوته، وعظام أبيه لا تزال ساخنة في حظائر بدر، يفرك كفّيه في غرور يقول للناس:" أبشروا بوقعة يأتيكم نبأها بعد أيام تنسيكم وقعة بدر"..!

وكان يخرج إلى مشارف مكة كل صباح يسأل القوافل والركبان:" ألم يحدث بالمدينة أمر".

وكانوا يجيبونه بما لا يحب ويرضى، فما منهم من أحد سمع أو رأى في المدينة حدثاً ذا بال.

ولم ييأس صفوان.. بل ظلّ مثابرا على مساءلة الركبان، حتى لقي بعضهم يوما فسأله:" ألم يحدث بالمدينة أمر"..؟؟

فأجابه المسافر: بلى حدث أمر عظيم..!!

وتهللت أسارير صفوان وفاضت نفسه بكل ما في الدنيا من بهجة وفرح..

وعاد يسأل الرجل في عجلة المشتاق:" ماذا حدث اقصص عليّ".. وأجابه الرجل: لقد أسلم عمير بن وهب، وهو هناك يتفقه في الدين، ويتعلم القرآن"..!!

ودارت الأرض بصفوان.. والوقعة التي كان يبشر بها قومه، والتي كان ينتظرها لتنسيه وقعة بدر جاءته اليوم في هذا النبأ الصاعق لتجعله حطاما..!!

********

وذات يوم بلغ المسافر داره.. وعاد عمير إلى مكة شاهرا سيفه، متحفزا للقتال، ولقيه أول ما لقيه صفوان بن أمية..

وما كاد يراه حتى هم بمهاجمته، ولكن السيف المتحفز في يد عمير ردّه إلى صوابه، فاكتفى بأن ألقى على سمع عمير بعض شتائمه ثم مضى لسبيله..

دخل عمير بن وهب مكة مسلما، وهو الذي فارقها من أيام مشركا، دخلها وفي روعة صورة عمر بن الخطاب يوم أسلم، ثم صاح فور إسلامه قائلا:

" والله لا أدع مكانا جلست فيه بالكفر، إلا جلست فيه بالإيمان".

ولكأنما اتخذ عمير من هذه الكلمات شعارا، ومن ذلك الموقف قدوة، فقد صمم على نذر حياته للدين الذي طالما حاربه.. ولقد كان في موقف يسمح له بأن ينزل الأذى بمن يريد له الأذى..

وهكذا راح يعوّض ما فاته.. ويسابق الزمن إلى غايته، فيبشر بالإسلام ليلا ونهارا.. علانية وجهارا..

في قلبه إيمانه يفيض عليه أمنا، وهدى ونورا..

وعلى لسانه كلمات حق، يدعو بها إلى العدل والإحسان والمعروف والخير..

وفي يمينه سيف يرهب به قطاع الطرق الذين يصدّون عن سبيل الله من آمن به، ويبغونها عوجا.

وفي بضعة أسابيع كان الذين هدوا إلى الإسلام على يد عمير يفوق عددهم كل تقدير يمكن أن يخطر ببال.

وخرج عمير بهم إلى المدينة في موكب طويل مشرق.

وكانت الصحراء التي يجتازونها في سفرهم لا تكتم دهشتها وعجبها من هذا الرجل الذي مرّ من قريب حاملا سيفه، حاثّا خطاه إلى المدينة ليقتل الرسول، ثم عبرها مرّة أخرى راجعا من المدينة بغير الوجه الذي ذهب به يرتل القرآن من فوق ظهر ناقته المحبورة.. ثم ها هو ذا يجتازها مرة ثالثة على رأس موكب كبير من المؤمنين يملئون رحابها تهليلا وتكبيرا..

********





قصة عمير مع صاحبه صفوان

لم ينسى عمير صاحبه وقريبه صفوان ، فراح إليه يُناشده الإسلام ويدعوه إليه ، بيد أن صفوان شدّ رحاله صوب جدّة ليبحر منها الى اليمن ، فذهب عمير الى الرسول -صلى الله عليه وسلم- وقال له يا نبي الله ، إن صفوان بن أمية سيد قومه ، وقد خرج هاربا منك ليقذف نفسه في البحر ، فأمِّـنه صلى الله عليك )000فقال النبي هو آمن )000قال يا رسول الله فأعطني آية يعرف بها أمانك )000فأعطاه الرسول -صلى الله عليه وسلم- عمامته التي دخل فيها مكة000 فخرج بها عمير حتى أدرك صفوان فقال يا صفوان فِداك أبي وأمي ، الله الله في نفسك أن تُهلكها ، هذا أمان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد جئتك به )000قال له صفوان وَيْحَك ، اغْرُب عني فلا تكلمني )000قال أيْ صفوان فداك أبي وأمي ، إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أفضـل الناس وأبـر الناس ، وأحلـم الناس وخيـر الناس ، عِزَّه عِزَّك ، وشَرَفه شَرَفـك )000قال إنـي أخاف على نفسـي )000 قال هو أحلم من ذاك وأكرم )000 فرجع معه حتى وقف به على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال صفوان للنبي الكريم إن هذا يزعم أنك قـد أمَّـنْتَنـي )000قال الرسـول -صلى الله عليه وسلم- صـدق )000قال صفـوان فاجعلني فيها بالخيار شهريـن )000فقـال الرسول -صلى الله عليه وسلم- أنت بالخيار فيه أربعة أشهر )000وفيما بعد أسلم صفوان ، وسَعِدَ عمير بإسلامه أيما سعادة


وفاتة :

توفي ‏عمير بن وهب الجمحي عام ( 24 هـ) :
ومات وهب الشام مجاهداً ليختم بذلك حياته وينال شرف الشهادة
كما قال الله تعالي في كتابة الكريم:



 توقيع : ابو قسورة


آخر تعديل ابو قسورة يوم 13-09-2007 في 10:48 PM.
رد مع اقتباس